۩ البحث ۩



البحث في

۩ إحصائية الزوار ۩

الاحصائيات
لهذا اليوم : 37
بالامس : 840
لهذا الأسبوع : 3504
لهذا الشهر : 25518
لهذه السنة : 94124
منذ البدء : 3708364
تاريخ بدء الإحصائيات : 3-12-2012

۩ التواجد الآن ۩

يتصفح الموقع حالياً  27
تفاصيل المتواجدون

:: البَراءُ مِن الرِّياءِ ::

المقال

:: البَراءُ مِن الرِّياءِ ::

 د. ظافرُ بنُ حسنٍ آلُ جَبْعانَ


بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

اللهمَّ اهدِني وسدِّدْني

البَراءُ مِن الرِّياءِ

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِه وصحبِه أجمعينَ.

أمَّا بعدُ؛ فإنَّ الرِّياءَ من الآفاتِ الخطيرةِ الَّتي تُصيبُ كثيرًا من النَّاسِ، فتَصرِفُهم عن العملِ للخالقِ إلى العملِ للنَّاسِ، وعن الثَّناءِ على اللهِ بما يَستحِقُّ إلى الثَّناءِ على النَّفسِ بما لا تَستحِقُّ، وعن التَّواضعِ للخالقِ والانكسارِ بينَ يديه إلى التَّكبُّرِ والغرورِ والإدلالِ بالأعمالِ!

فينبغي الحذرُ أشدَّ الحذرِ من الرِّياءِ الَّذي يُفسِدُ على العبدِ عبادتَه، فيكونُ بذلك من الَّذين ليس لهم حظٌّ من أعمالِهم إلَّا التَّعبَ والعناءَ، والبُعدَ عن ربِّ الأرضِ والسَّماءِ، فيجبُ على العبدِ أن تكونَ أعمالُه الظَّاهرةُ والباطنةُ خالصةً للهِ -عزَّ وجلَّ- من غيرِ رياءٍ ولا سُمْعةٍ، ولا يُشرِكَ أحدًا معَ اللهِ مِن خَلْقِه، يقولُ اللهُ تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء} [البيِّنة:5]، وعن أميرِ المؤمنينَ عمرَ بنِ الخطَّابِ -رضي اللهُ عنه- قال: سمعتُ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يقولُ:«إِنَّما الأَعْمالُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى، فمَن كانتْ هِجْرتُهُ إلى اللهِ ورَسُولِهِ فهِجْرتُهُ إلى اللهِ ورَسُولِه، ومَن كانتْ هِجْرتُهُ إلى دُنْيَا يُصِيبُها أوِ امْرَأَةٍ يَتزَوَّجُها؛ فهِجْرتُهُ إلى ما هَاجَرَ إِلَيْهِ» [أخرجه البخاريُّ (1)، ومسلمٌ (5036)].

وقد حذَّر اللهُ ورسولُه من الرِّياءِ أشدَّ التَّحذيرِ؛ فقد جاء عن أبي هريرةَ -رضي اللهُ عنه- قال: قال رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-:«قالَ اللهُ تَبارَكَ وتَعالَى: (أَنَا أَغْنَى الشُّرَكاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَن عَمِلَ عَمَلًا أَشرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ)» [أخرجه مسلمٌ (7666)].

وجاء من حديثِ جُندُبِ بنِ جُنادةَ -رضي اللهُ عنه- أنَّ الرَّسولَ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- قال: «مَن سَمَّعَ سَمَّعَ اللهُ به، ومَن يُرائِي يُرائِي اللهُ به» [أخرجه البخاريُّ (6499)، ومسلمٌ (7667)].

وعن أبي هريرةَ -رضي اللهُ عنه- قال: قال رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-:«إِنَّ اللهَ لا يَنظُرُ إلى صُوَرِكُمْ وأَمْوالِكُمْ، ولَكِنْ يَنظُرُ إلى قُلُوبِكُم وأَعْمالِكُم» [أخرجه مسلمٌ (1987)].

وقال سُفيانُ بنُ عُيَينةَ -رحمه اللهُ تعالى-: (مَن كانت معصيتُه في شهوةٍ؛ فارْجُ له التَّوبةَ، فإنَّ آدمَ -عليه السَّلامُ- عصى مُشتهِيًا فغُفِر له، فإذا كانت معصيتُه من كِبْرٍ؛ فاخْشَ عليه اللَّعنةَ، فإنَّ إِبليسَ عصى مُستكبِرًا فلُعِن) [«مُختصَر مِنهاجِ القاصدينَ» ص247].

فينبغي على المُكلَّفِ أن يُخلِصَ العملَ للهِ تعالى، وأن يُجاهِدَ نفسَه على ذلك، فلا يَنظُرَ للخلقِ؛ لأنَّ الخلقَ لا ينفعون، بل يَضُرُّون في مثلِ هذا الأمرِ؛ قال الفُضَيلُ بنُ عِياضٍ -رحمه اللهُ تعالى-: (تركُ العملِ لأجلِ النَّاسِ رِياءٌ، والعملُ لأجلِهم شِركٌ، والإخلاصُ الخَلاصُ مِن هذينِ)، وفي روايةٍ عنه: (والإخلاصُ أن يُعافيَكَ اللهُ منهما) [«مدارج السَّالكين» 2/95].

وقال ابنُ القيِّمِ -رحمه اللهُ تعالى-: (العملُ بغيرِ إخلاصٍ ولا اقتداءٍ، كالمُسافرِ يملأُ جِرابَه رملًا ينقُلُه ولا ينفعُه!) [«الفوائد» ص67].

وقال أبو عليٍّ الجُوزَجانيُّ: (النَّفسُ معجونةٌ بالكِبرِ والحرصِ والحسدِ، فمَن أراد اللهُ تعالى هلاكَه منع منه التَّواضعَ والنَّصيحةَ والقناعةَ، وإذا أراد اللهُ تعالى به خيرًا لَطَف به في ذلك، فإذا هاجت في نفسِه نارُ الكِبرِ أَدرَكها التَّواضعُ من نُصرةِ اللهِ تعالى، وإذا هاجت نارُ الحسدِ في نفسِه أَدرَكَتْها النَّصيحةُ معَ توفيقِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وإذا هاجت في نفسِه نارُ الحرصِ أَدرَكَتْها القناعةُ معَ عونِ اللهِ عزَّ وجلَّ) [«الإحياء» 3/362].

ويمكنُ أن نُلخِّصَ شيئًا من العلاجِ لمثلِ هذا الدَّاءِ بأمورٍ، منها:

1- تحقيقُ تعظيمِ اللهِ تعالى في القلبِ، وذلك بتحقيقِ التَّوحيدِ، والتَّعبُّدِ للهِ بأسمائِه الحسنى وصفاتِه العلا.

2- أن يعلمَ المُكلَّفُ علمًا يقينًا بأنَّه عبدٌ مَحْضٌ، والعبدُ لا يَستحِقُّ على خدمتِه لسيِّدِه عِوضًا ولا أجرًا؛ إذ هو يخدمُه بمُقتضَى عُبودِيَّتِه، فما ينالُه من سيِّدِه من الأجرِ والثَّوابِ تَفضُّلٌ منه وإحسانٌ إليه لا مُعاوَضةٌ، فلماذا الرِّياءُ والعُجْبُ؟!

3- مُشاهَدةُ العبدِ لمِنَّةِ اللهِ عليه وفضلِه وتوفيقِه، وأنَّه باللهِ لا بنفسِه، وأنَّه إنَّما أَوجَب عملَه مشيئةُ اللهِ لا مشيئتُه هو، فكُلُّ خيرٍ فهو مُجرَّدُ فضلِ اللهِ ومِنَّته؛ فلِمَ الرِّياءُ والعُجبُ؟!

4- مُطالَعةُ عيوبِه وآفاتِه وتقصيرِه في جنبِ اللهِ، وما فيه من حظِّ النَّفسِ ونصيبِ الشَّيطانِ، فقَلَّ عملٌ إلَّا وللشَّيطانِ فيه نصيبٌ، وإن قلَّ، وللنَّفسِ فيه حظٌّ!

5- تذكيرُ النَّفسِ بما أمر اللهُ -عزَّ وجلَّ- به من إصلاحِ القلبِ وإخلاصِه، وحرمانِ المُرائِي من التَّوفيقِ.

6- خوفُ مَقْتِ اللهِ -عزَّ وجلَّ- وغضبِه إذا اطَّلَع على قلبِه وهو مُنطَوٍ على الرِّياءِ والعجبِ.

7- الإكثارُ من العباداتِ غيرِ المُشاهَدةِ، وإخفاؤُها؛ كقيامِ اللَّيلِ، وصدقةِ السِّرِّ، والبكاءِ خاليًا من خشيةِ اللهِ تعالى؛ قال الخُرَيبيُّ -رحمه اللهُ تعالى-: (كانوا يَستحِبُّونَ أن يكونَ للرَّجلِ خبيئةٌ من عملٍ صالحٍ، لا تعلمُ به زوجتُه ولا غيرُها) [«العُزْلة» للخطَّابيِّ ص76].

8- تَذكُّرُ الموتِ وسَكرتِه، والقبرِ وضَمَّتِه، والقيامةِ وأهوالِها.

9- معرفةُ مَداخِلِ العُجبِ والرِّياء وخفاياهما، حتَّى يتمَّ الاحترازُ منهما.

10- النَّظرُ في عاقبةِ الرِّياءِ والعجبِ في الدُّنيا والآخرةِ.

11- مُصاحَبةُ أهلِ الإخلاصِ والصَّلاحِ والتَّقوى، فالجليسُ يُؤثِّرُ على جليسِه.

12- معرفةُ قيمةِ الدُّنيا وعدمِ بقائِها.

13- الإكثارُ من الدُّعاءِ أن يُخلِّصَكَ اللهُ من الرِّياءِ والسُّمعةِ والعُجبِ.

أسألُ اللهَ أن يُعافِيَنا من العجبِ والرِّياءِ، وأن يجعلَنا من المُخلِصينَ الأتقياءِ.

والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ.



جديد المقالات

.

تصميم وتطوير كنون