۩ البحث ۩



البحث في

۩ إحصائية الزوار ۩

الاحصائيات
لهذا اليوم : 817
بالامس : 840
لهذا الأسبوع : 4284
لهذا الشهر : 26298
لهذه السنة : 94904
منذ البدء : 3709144
تاريخ بدء الإحصائيات : 3-12-2012

۩ التواجد الآن ۩

يتصفح الموقع حالياً  28
تفاصيل المتواجدون

:: حكمُ تعزيةِ الكافرِ ::

المسألة

:: حكمُ تعزيةِ الكافرِ ::

 د. ظافرُ بنُ حسنٍ آلُ جَبْعانَ

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

ومنه المعونةُ والسَّدادُ

حكمُ تعزيةِ الكافرِ

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِه وصحبِه أجمعينَ.

أمَّا بعدُ؛ فقد اختلَف العلماءُ -رحمهم اللهُ تعالى- في تعزيةِ الكافرِ:

فذهب الأئمَّةُ: الشَّافعيُّ(1)، وأبو حنيفةَ في روايةٍ عنه(2)، والإمامُ أحمدُ في روايةٍ عنه، إلى أنَّه يُعزَّى المسلمُ بالكافرِ، وبالعكسِ، والكافرُ غيرُ الحربيِّ.

قال الإمامُ ابنُ قدامةَ (ت620هـ) -رحمه اللهُ تعالى-: (وتوقَّف أحمدُ عن تعزيةِ أهلِ الذِّمَّةِ، وهي تُخرَّجُ على عيادتِهم، وفيها روايتانِ:

إحداهما: لا نعودُهم؛ فكذلك لا نُعزِّيهم؛ لقولِ النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: «لا تَبدَؤُوهم بالسَّلامِ»، وهذا في معناه.

والثَّانيةُ: نعودُهم؛ لِمَا ورد من حديثِ أنسٍ -رضي اللهُ عنه- قال: كان غلامٌ يهوديٌّ يَخدُمُ النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، فمَرِضَ فأتاه النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يعودُه، فقعَد عندَ رأسِه فقال له: «أَسلِمْ»، فنظَر إلى أبيه وهو عندَه، فقال له: أَطِعْ أبا القاسمِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. فأسلَم، فخرَج النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- وهو يقولُ: «الحمدُ للهِ الَّذي أنقَذه من النَّارِ»(3)، فعلى هذا نُعزِّيهم)(4).

قال الإمامُ النَّوويُّ (ت676هـ) -رحمه اللهُ تعالى-: (ويجوزُ للمسلمِ أن يُعزِّيَ الذِّمِّيَّ بقريبِه الذِّمِّيِّ، فيقولَ: أخلَف اللهُ عليكَ، ولا نقَّص عَدَدَكَ)(5).

والَّذي يظهرُ: أنَّه يجوزُ تعزيتُهم عندَ الوفاةِ، وعيادتُهم عندَ المرضِ، ومُواساتُهم عندَ المصيبةِ؛ والدَّليلُ حديثُ أنسِ بنِ مالكٍ -رضي اللهُ عنه- السَّابقُ.

وعن أنسِ بنِ مالكٍ -رضي اللهُ عنه- أيضًا: أنَّ يهوديًّا دعا النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- إلى خبزِ شعيرٍ، وإهالةٍ سَنِخةٍ(6)، فأجابه(7).

وجاء عندَ ابنِ أبي شيبةَ: أنَّ أبا الدَّرداءِ -رضي اللهُ عنه- عاد جارًا له يهوديًّا(8).

ويُنبَّهُ على أنَّ المسلمَ إذا فعل ذلك؛ فعليه أن ينويَ بذلك دعوتَهم، وتأليفَ قلوبِهم على الإسلامِ، ويدعوَهم بالطَّريقةِ المناسبةِ في الوقتِ المناسبِ.

كما يُنبَّهُ أيضًا على أنَّه في حالةِ التَّعزيةِ لا يُدعَى لِميِّتِهم بالمغفرةِ والرَّحمةِ أو الجنَّةِ؛ لقولِ اللهِ تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}[التَّوبة: 113]، وإنَّما يدعو لهم بما يناسبُ حالَهم: بحَثِّهم على الصَّبرِ، ومواساتِهم، وتذكيرِهم بأنَّ هذه سُنَّةُ اللهِ في خلقِه.

قال الإمامُ الألبانيُّ (ت1420هـ) -رحمه اللهُ تعالى- عندَما سُئِلَ عن تعزيةِ الذِّمِّيِّ، قال: (نعم، يجوزُ)(9).

والإمامُ الألبانيُّ يُقيِّدُ جوازَ تعزيةِ الكافرِ بأنْ لا يكونَ حربيًّا، عَدُوًّا للمسلمينَ؛ فقد قال -رحمه اللهُ تعالى- عَقِبَ إيرادِ أثرِ عُقْبةَ بنِ عامرٍ الجُهَنيِّ -رضي اللهُ عنه- أنَّه مَرَّ برجلٍ هيئتُه هيئةُ مسلمٍ، فسلَّم، فرَدَّ عليه: وعليكَ السَّلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه. فقال له الغلامُ: إنَّه نصرانيٌّ! فقام عُقْبةُ فتَبِعَه حتَّى أدرَكه فقال: إنَّ رحمةَ اللهِ وبركاتِه على المؤمنينَ، لكنْ أطال اللهُ حياتَكَ، وأكثَر مالَكَ ووَلَدَكَ(10). قال الألبانيُّ -رحمه اللهُ تعالى-: (في هذا الأثرِ إشارةٌ من الصَّحابيِّ الجليلِ إلى جوازِ الدُّعاءِ بطولِ العمرِ، ولو للكافرِ، فللمسلمِ من بابِ أَوْلَى، ولكنْ لا بدَّ أن يُلاحَظَ أنْ لا يكونَ الكافرُ عدوًّا للمسلمينَ، ويَترشَّحُ منه جوازُ تعزيةِ مِثْلِه بما في هذا الأثرِ)(11).

وقال الشَّيخُ مُحمَّدُ بنُ عُثَيمينَ (ت1421هـ) -رحمه اللهُ تعالى- عن تعزيةِ الكافرِ في قريبِه أو صديقِه: (تعزيةُ الكافرِ إذا مات له مَن يُعزَّى له به مِن قريبٍ أو صديقٍ؛ في هذا خلافٌ بينَ العلماءِ:

فمِن العلماءِ مَن قال: إنَّ تعزيتَهم حرامٌ.

ومِنهم مَن قال: إنَّها جائزةٌ.

ومِنهم مَن فصَّل في ذلك فقال: إنْ كان في ذلك مصلحةٌ؛ كرجاءِ إسلامِهم، وكَفِّ شرِّهم الَّذي لا يمكنُ إلَّا بتعزيتِهم؛ فهو جائزٌ، وإلَّا كان حرامًا.

والرَّاجحُ: أنَّه إن كان يُفهَمُ مِن تعزيتِهم إعزازُهم وإكرامُهم؛ كانت حرامًا، وإلَّا فيُنظَرُ في المصلحةِ)(12).

وأَفتَتِ اللَّجنةُ الدَّائمةُ عن حُكمِ تعزيةِ الكافرِ القريبِ بما يلي: (إذا كان القصدُ من التَّعزيةِ أنْ يُرغِّبَهم في الإسلامِ؛ فإنَّه يجوزُ ذلك، وهذا من مقاصدِ الشَّريعةِ، وهكذا إذا كان في دفعِ أذاهم عنه، أو عن المسلمينَ؛ لأنَّ المصالحَ العامَّةَ الإسلاميَّةَ تُغتفَرُ فيها المَضَارُّ الجزئيَّةُ)(13).

واللهُ -تعالى- أعلمُ وأحكمُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) «المجموع» 5/275.

(2) «حاشية ابن عابدين» 3/140.

(3) أخرجه البخاريُّ في كتابِ الجنائزِ، باب: إذا أسلَم الصَّبيُّ ومات؛ هل يُصلَّى عليه؟ (3/582-583 الفتح، رقم 1356).

(4) «المغني» 3/486.

(5) «روضة الطَّالبين» 2/145.

(6) الإِهالةُ: ما أُذِيبَ من الأَلْيةِ والشَّحمِ، وقيل: الدَّسَمُ الجامدُ. والسَّنِخةُ: المتغيِّرةُ الرَّائحةِ. «النِّهاية» لابن الأثير 1/84.

(7) أخرجه البخاريُّ في كتابِ البيوعِ، باب: شراء النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- بالنَّسِيئةِ (5/22 الفتح، برقم 2069).

(8) أخرجه ابنُ أبي شيبةَ في كتابِ الجنائزِ، باب: في عيادةِ اليهودِ والنَّصارى 3/238.

(9) «الموسوعة الفقهيَّة الميسَّرة» 4/185.

(10) «صحيح الأدب المفرد» ص430 رقم (1112).

(11) المصدر السَّابق.

(12) «فتاوى في أحكام الجنائز» ص353 رقم (317).

(13) «فتاوى اللَّجنة الدَّائمة للبحوث العلميَّة والإفتاء» 9/132.

_في_تعزيةِ_الكافرِ , رحمهم_اللهُ_تعالى , اختلَف_العلماءُ_

روابط ذات صلة

المسألة السابق
المسائل المتشابهة المسألة التالي

.

تصميم وتطوير كنون