۩ البحث ۩



البحث في

۩ إحصائية الزوار ۩

الاحصائيات
لهذا اليوم : 284
بالامس : 840
لهذا الأسبوع : 3751
لهذا الشهر : 25765
لهذه السنة : 94371
منذ البدء : 3708611
تاريخ بدء الإحصائيات : 3-12-2012

۩ التواجد الآن ۩

يتصفح الموقع حالياً  40
تفاصيل المتواجدون

:: ضَحِيَّةُ التَّواصُلِ المُحرَّمِ! ::

القصة

:: ضَحِيَّةُ التَّواصُلِ المُحرَّمِ! ::

 انتقاء وتهذيب: د. ظافرُ بنُ حسنٍ آلُ جَبعانَ

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

ضَحِيَّةُ التَّواصُلِ المُحرَّمِ !

[هذه قصَّةٌ واقعيَّةٌ، انتشَرتْ على الشَّبكةِ العنكبوتيَّةِ؛ وهي مأساةُ فتاةٍ تروي قصَّتَها لصديقتِها]

لن تُصدِّقِي ما حدث لي، وما فعلتُه بكاملِ إرادتي. أنتِ الوحيدةُ في هذا العالمِ الَّتي أبوحُ لها بما فعلتُ، فأنا لم أَعُدْ أنا! كلُّ ما أريدُه من هذه الدُّنيا: مغفرةُ اللهِ عزَّ وجلَّ لي، وأن يأخذَني الموتُ قبلَ أن أقتلَ نفسي.

ما مِن يومٍ يمرُّ بي إلَّا وأبكي بكاءً شديدًا، حتَّى لا أقدرَ على الرُّؤيةِ بعدَها .. كلُّ يومٍ يمرُّ بي أُفكِّرُ في الانتحارِ عشراتِ المرَّاتِ .. لم تَعُدْ حياتي تَهُمُّني أبدًا، أتمنَّى الموتَ كلَّ ساعةٍ!

وها هي قصَّتي أضعُها بينَ يدَيْكِ كي تَنشُرِيها لتكونَ (عِبرةً) و(وقايةً) لكلِّ بنتٍ تستخدمُ الإنترنت، ولكي تعتبروا يا أُولِي الأبصارِ.

إليكِ قصَّتي:

بدايتي كانت معَ واحدةٍ من صديقاتي القليلاتِ، دعَتْني ذاتَ يومٍ إلى بيتِها، وكانت ممَّن يستخدمُ (الإنترنت) كثيرًا، وقد أثارت فيَّ الرَّغبةَ لمعرفةِ هذا العالمِ، لقد علَّمَتْني كيفَ يُستخدَمُ، بل كلَّ شيءٍ تقريبًا، على مدارِ شهرينِ؛ إذْ إنَّني كنتُ أزورُها كثيرًا.

تعلَّمتُ منها (التشات) بكُلِّ أشكالِه، وتعلَّمتُ منها كيفيَّةَ التَّصفُّحِ والبحثِ في المواقعِ الجيِّدةِ والرَّديئةِ.

وقد كنتُ خلالَ هذينِ الشَّهرينِ في عِراكٍ معَ زوجي كي يُدخِلَ (الإنترنت) إلى بيتِنا، لكنَّه كان ضدَّ هذه المسألةِ، حتَّى أقنعتُه أنِّي أشعرُ بالمللِ الشَّديدِ؛ حيثُ إنَّني بعيدةٌ عن أهلي وصديقاتي، وتَحجَّجتُ بأنَّ كلَّ صديقاتي يَستخدِمْنَ (الإنترنت)، فلِمَ لا أستخدمُه أيضًا وأتواصلُ معَهُنَّ عبرَه؛ فهو أرخصُ من فاتورةِ الهاتفِ على أقلِ تقديرٍ؟

فوافَق زوجي رحمةً بي، وفعلًا أصبحتُ بشكلٍ يوميٍّ أحادثُ صديقاتي كما تعرفينَ.

بعدَها أصبح زوجي لا يسمعُ مِنِّي أيَّ شكوى أو مطالبَ .. أعترفُ أنَّه ارتاح كثيرًا من إزعاجي وشكواي .. كان كُلَّما خرج من البيتِ أقبلتُ كالمجنونةِ على (الإنترنت)، أجلس وأقضي عليه السَّاعاتِ الطِّوالَ بشغفٍ شديدٍ!

خلالَ تلكَ الأيَّامِ بنيتُ عَلاقاتٍ معَ أسماءٍ مُستعارةٍ لا أعرفُ إنْ كانت لرجلٍ أم لأنثى .. كنتُ أحاورُ كلَّ مَن يحاورُني عبرَ (التشات)، حتَّى وأنا أعرفُ أنَّ الَّذي يحاورُني رجلٌ!

كنتُ أطلبُ المساعدةَ من بعضِ الَّذين يَدَّعونَ المعرفةَ في الكمبيوترِ والإنترنت، تعلَّمتُ منهم الكثيرَ، إلَّا أنَّ شخصًا واحدًا هو الَّذي أقبلتُ عليه بشكلٍ كبيرٍ؛ لما له من خبرةٍ واسعةٍ في مجالِ الإنترنت، كنتُ أخاطبُه دائمًا وألجأُ إليه ببراءةٍ كبيرةٍ في كثيرٍ من الأمورِ، حتَّى أصبحتُ أُكلِّمُه بشكلٍ يوميٍّ، أحببتُ حديثَه ونُكَتَه، وكان مُسلِّيًا، وبدأتِ العَلاقةُ به تقوى معَ الأيَّامِ ..

تكوَّنتْ هذه العلاقةُ اليوميَّةُ في خلالِ 3 أشهرٍ تقريبًا، وكان بيني وبينَه الشَّيءُ الكثيرُ؛ حيثُ أغراني بكلامِه المعسولِ، وكلماتِ الحُبِّ والشَّوقِ .. رُبَّما لم تكنْ كلماتُه جميلةً بهذه الدَّرجةِ، ولكنَّ الشَّيطانَ جمَّلها بعيني كثيرًا!

في يومٍ من الأيَّامِ طلب سماعَ صوتي، وأَصَرَّ على طلبِه حتَّى إنَّه هدَّدَني بتركي وأن يتجاهلَني في التشاتِ والإيميل.

حاولتُ مقاومةَ هذا الطَّلبِ كثيرًا، ولم أستطعْ! لا أدري لماذا؟ حتَّى قَبِلتُ معَ بعضِ الشُّروطِ: أن تكونَ مكالمةً واحدةً فقطْ، فقَبِلَ ذلك.

استَخدَمْنا برنامجَ مُحادَثةٍ صوتيَّةٍ، رغمَ أنَّ البرنامجَ ليس بالجيِّدِ، ولكنْ كان صوتُه جميلًا جدًّا، وكلامُه عذبًا جدًّا!

كنتُ أرتعشُ من سماعِ صوتِه .. طلب مِنِّي رقمي، وأعطاني رقمَ هاتفِه؛ إلَّا أنَّني كنتُ مُتردِّدةً في هذا الشَّيءِ، ولم أَجرُؤْ على مكالمتِه لمُدَّةٍ طويلةٍ؛ لأنِّي أعلمُ أنَّ الشَّيطانَ الرَّجيمَ كان يلازمُني ويُحسِّنُها في نفسي، ويصارعُ بقايا العِفَّةِ والدِّينِ وما أملكُ من أخلاقٍ .. حتَّى أتى اليومُ الَّذي كلَّمتُه فيه عبرَ الهاتفِ، ومِن هنا بدأَتْ حياتي في الانحرافِ!

لقد انجرفتُ كثيرًا .. كُنَّا كالعمالقةِ في عالمِ (التشات) .. الكُلُّ كان يحاولُ التَّقرُّبَ مِنَّا، والويلُ لمن يحاربُنا أو يَشتُمُنا!

أصبَحْنا كالجسدِ الواحدِ، نستخدمُ (التشاتَ) ونحنُ نتكلَّمُ عبرَ الهاتفِ!

لن أُطِيلَ الكلامَ .. كُلُّ مَن يقرأُ كلماتي يشعرُ بأنَّ زوجي مُهمِلٌ في حقِّي، أو كثيرُ الغيابِ عن البيتِ. لكنَّه بالعكسِ من ذلك، كان يخرجُ من عملِه ولا يذهبُ إلى أصدقائِه كثيرًا من أجلي.

ومعَ مرورِ الأيَّامِ، وبعدَ اندماجي بالإنترنت؛ حيثُ كنتُ أقضي عليها ما يقاربُ 8 إلى 12ساعةً يوميًّا .. أصبحتُ أكرهُ كثرةَ تواجدِه في البيتِ .. بدأت علاقتُنا تَتطوَّرُ .. أصبَح يطلبُ رؤيتي بعدَ أن سَمِعَ صوتي الَّذي رُبَّما مَلَّه! لم أكنْ أُبالِي كثيرًا أو أحاولُ قطعَ اتِّصالي به، بل كنتُ فقطْ أُعاتِبُه على طلبِه، ورُبَّما كنتُ أكثرَ منه شوقًا إلى رؤيتِه! ولكنِّي كنتُ أَترفَّعُ عن ذلك، لا لشيءٍ سوى أنَّني خائفةٌ من الفضيحةِ، وليس من اللهِ!!

أصبَح إلحاحُه يزدادُ يومًا بعدَ يومٍ، ويريدُ فقطْ رؤيتي لا أكثرَ؛ فقَبِلتُ طلبَه بشرطِ: أن يكونَ أوَّلَ وآخِرَ طلبٍ كهذا يأتي منه، وأن يراني فقطْ دونَ أيِّ كلامٍ.

أعتقدُ أنَّه لم يُصدِّقْ بأنِّي تجاوبتُ معَه بعدَ أن كان شِبْهَ يائسٍ مِن تَجاوُبي، فأوضَح لي بأنَّ السَّعادةَ تَغمُرُه، وهو إنسانٌ يخشى أن يُصِيبَني أيُّ مكروهٍ، وسوفَ يكونُ كالحِصْنِ المنيعِ، ولن أَجِدَ منه ما أكرهُ، ووافَق على شروطي، وأقسَم أن تكونَ نظرةً فقطْ لا أكثرَ.

نعم، تجاوبتُ معَه .. تَواعَدْنا -والشَّيطانُ ثالثُنا- في أحدِ الأسواقِ الكبيرةِ في أحدِ المحلَّاتِ بالسَّاعةِ والدَّقيقةِ ..

لقد رآني ورأيتُه، وليتَني لم أَرَهُ ولم يراني!! كان وسيمًا جِدًّا حتَّى في جسمِه وطولِه، كلُّ شيءٍ فيه أعجَبَني، نعم أعجَبَني في لحظةٍ قصيرةٍ لا تَتعدَّى دقيقةً واحدةً ..

ومِن جهتِه، لم يُصدِّقْ أنَّه كان يُحادِثُ مَن هي في شكلي .. أوضَح لي أنَّني أَسَرتُه بجمالي، وأنَّه أَحَبَّني بجنونٍ .. كان يقولُ لي: إنَّه سوف يقتلُ نفسَه إنْ فقَدَني بعدَها! كان يقولُ: ليتَه لم يراني أبدًا! زادني أُنُوثةً، وأصبحتُ أرى نفسي أجملَ بكثيرٍ من قبلُ، حتَّى قبلَ زواجي!

هذه بدايةُ النِّهايةِ يا أخواتي .. لم يكنْ يعرفُ أنَّني مُتزوِّجةٌ، وقد رزَقَني اللهُ من زوجي بعددٍ من الأبناءِ ..

عمومًا أصبَح حديثُنا بعدَ هذا اللِّقاءِ مُختلِفًا تمامًا .. كان رومانسيًّا، وعرَف كيف يَستغِلُّ ضَعْفِي كأنثى، وكان الشَّيطانُ يساعدُه، بل رُبَّما يَقُودُه!

أراد رؤيتي، وكنتُ أَتَحجَّجُ كثيرًا وأُذكِّرُه بالعهدِ الَّذي قطَعَه، معَ أنَّ نفسي كانت تشتاقُ إليه كثيرًا!

لم يكنْ بوُسْعِي رؤيتُه وزوجي موجودٌ في المدينةِ .. أصبَح الَّذي بينَنا أكثرَ جِدِّيَّةً، فأخبرتُه أنَّني مُتزوِّجةٌ ولي أبناءٌ، ولا أقدرُ على رؤيتِه، ويجبُ أن تبقى عَلاقتُنا في (التشات) فقطْ.

لم يُصدِّقْ ذلك، وقال لي: لا يمكنُ أن أكونَ مُتزوِّجةً، ولي أبناءٌ. قال لي: أنتِ كالحُوريَّةِ الَّتي يجبُ أن تُصانَ .. أنتِ كالمَلاكِ الَّذي لا يجبُ أن يُوطَأَ، وهكذا ..

أصبَحتُ مُدمِنةً لسماعِ صوتِه وإطرائِه، وتَخيَّلتُ نفسي بينَ يدَيْه وذِراعَيْه كيف سيكونُ حالي؟ جعَلَني أكرهُ زوجي الَّذي لم يَرَ الرَّاحةَ أبدًا في سبيلِ تلبيةِ مطالبِنا وإسعادِنا .. بدأتُ أُحِسُّ بالجنونِ إذا غاب عنِّي ليومٍ أو يومينِ، أو إذا لم أَرَه في (التشات)، وأُصابُ بالغَيْرةِ إذا خاطَب أحدًا غيري، أو خاطَبَه أحدٌ غيري .. أُصابُ بالصُّداعِ إذا غاب في (التشات) .. لا أعلمُ ما الَّذي أصابني إلَّا أنَّني أصبحتُ أريدُه أكثرَ فأكثرَ!

لقد أدرَك ذلك تمامًا، وعرَف كيف يَستغِلُّني حتَّى يَتمكَّنَ من رؤيتي مُجدَّدًا .. كان كلُّ يومٍ يَمُرُّ يطلبُ فيه رؤيتي، وأنا أَتَحجَّجُ بأنِّي مُتزوِّجةٌ، وهو يقولُ: ما الَّذي يمكنُ أن نفعلَه؟ أنبقى هكذا حتَّى نموتَ من الحزنِ؟! أيُعقَلُ أن نُحِبَّ بعضَنا ولا نستطيعُ الاقترابَ؟! لا بدَّ من حَلٍّ، يجبُ أن نجتمعَ، يجبُ أن نكونَ تحتَ سقفٍ واحدٍ.

لم يتركْ طريقةً إلَّا طرَقَها، وأنا أرفضُ وأرفضُ .. حتَّى جاء اليومُ الَّذي عرَض فيه عليَّ الزَّواجَ، وأن يُطلِّقَني زوجي حتَّى يَتَزوَّجَني هو، وإذا لم أَقبَلْ: فإمَّا أن يموتَ، أو يُصابَ بالجنونِ، أو يقتلَ زوجي!

حقيقةً، رغمَ خوفي الشَّديدِ إلَّا أنَّني وجدتُ في نفسي شيئًا يجذبُني نحوَه، وكأنَّ الفكرةَ أعجبتني! كان كُلَّما خاطَبَني ترتعشُ أطرافي، وتَصطَكُّ أسناني، كأنَّ البردَ كلَّه داخلي ..

احترتُ في أمري كثيرًا .. أصبحتُ أرى نفسي أسيرةَ زوجي، وأنَّ حُبِّي له لم يكنْ حُبًّا! بدأتُ أكرهُ منظرَه وشكلَه .. لقد نَسِيتُ نفسي وأبنائي .. كرهتُ زواجي وعيشتي وكأنِّي فقطْ أنا الوحيدةُ في هذا الكونِ الَّتي عاشت وعرَفتْ معنى الحُبِّ!

عندَما عَلِمَ وتأكَّد بمقدارِ حُبِّي له، وتَمَكُّنِه مِنِّي ومن مشاعري؛ عرَض عليَّ أن أختلقَ مشكلةً معَ زوجي، وأجعلَها تَكبُرُ حتَّى يُطلِّقَني ..

لم يخطرْ ببالي هذا الشَّيءُ، وكأنَّها بدَتْ لي هي المَخرَجَ الوحيدَ لأزمتي الوهميَّةِ!

ووعدني أنَّه سوف يَتَزوَّجنُي بعدَ طلاقي من زوجي، وأنَّه سوف يكونُ كلَّ شيءٍ في حياتي، وسوف يجعلُني سعيدةً طوالَ عمري معَه ..

لم يكنْ وقعُها عليَّ سهلًا، ولكنْ راقت هذه الفكرةُ لي كثيرًا، وبدأتُ فعلًا أصطنعُ المشاكلَ معَ زوجي كلَّ يومٍ؛ حتَّى أجعلَه يكرهُني ويُطلِّقُني ..

بقينا على هذه الحالةِ عدَّةَ أسابيعَ، وأنا مُنهمِكةٌ في اختلاقِ المشاكلِ، حتَّى إنَّني أُخطِّطُ لها مُسْبَقًا معَه ..

بدأ يَمَلُّ من طولِ المُدَّةِ، ويُصِرُّ على رؤيتي؛ لأنَّ زوجي رُبَّما لن يُطلِّقَني بهذه السُّرعةِ، حتَّى طلب منِّي أن يراني وإلَّا ... لقد قَبِلتُ دونَ تَردُّدٍ، كأنَّ إبليسَ اللَّعينَ هو الَّذي يحكي عنِّي، ويَتَّخِذُ القراراتِ بدلًا مِنِّي! وطلَبتُ منه مُهلةً أُدبِّرُ فيها أمري ..

في يومِ الأربعاءِ الموافقِ 21/ 1/ 1421، قال زوجي: إنَّه ذاهبٌ في رحلةِ عملٍ لمُدَّةِ خمسةِ أيَّامٍ. أَحسَستُ أنَّ هذا هو الوقتُ المناسبُ .. أراد زوجي أن يُرسِلَني إلى أهلي؛ كي أرتاحَ نفسيًّا، ورُبَّما أُخفِّفُ عنه هذه المشاكلَ المُصطنَعةَ؛ فرفَضتُ وتَحجَّجتُ بكُلِّ حُجَّةٍ حتَّى أبقى في البيتِ، فوافَق مُضطَرًّا، وذهَب مسافرًا في يومِ الجمعةِ ..

كنتُ أصحو من النَّومِ فأذهبُ إلى (التشات) اللَّعينِ، وأُغلِقُه فأذهبُ إلى النَّومِ!

وفي يومِ الأحدِ كان الموعدُ؛ حيثُ قَبِلتُ مطالبَ صديقِ (التشات)، وقلتُ له: إنَّني مُستعِدَّةٌ للخروجِ معَه. كنتُ على علمٍ بما أقومُ به من مُخاطَرةٍ، ولكنْ تجاوَز الأمرُ بي حتَّى لم أَعُدْ أشعرُ بالرَّهبةِ والخوفِ كما كنتُ في أوَّلِ مرَّةٍ رأيتُه فيها، وخرجتُ معَه .. نعم لقد بِعتُ نفسي وخرجتُ معَه .. اجتاحتني رغبةٌ في التَّعرُّفِ عليه أكثرَ وعن قُربٍ .. اتَّفَقْنا على مكانٍ في أحدِ الأسواقِ، وجاء في الموعدِ، وركبتُ سيَّارتَه، ثُمَّ انطلَق يجوبُ الشَّوارعَ ..

لم أَشعُرْ بشيءٍ رغمَ قلقي؛ فهي أوَّلُ مرَّةٍ في حياتي أخرجُ معَ رجلٍ لا يَمُتُّ لي بأيِّ صِلةٍ، سوى معرفةِ 7 أشهرٍ تقريبًا عن طريقِ (التشات)، ولقاءٍ واحدٍ فقطْ لمُدَّةِ دقيقةٍ واحدةٍ ..

كان يبدو عليه القلقُ أكثرَ مِنِّي، وبدأتُ الحديثَ قائلةً له: لا أريدُ أن يطولَ وقتُ خروجي من البيتِ .. أخشى أن يَتَّصِلَ زوجي، أو يحدثَ شيءٌ.

قال لي بتَردُّدٍ: (وإذا يعني عرف)، رُبَّما يُطلِّقُكِ وترتاحينَ منه.

لم يُعجِبْني حديثُه ونبرةُ صوتِه .. بدأ القلقُ يزدادُ عندي، ثُمَّ قلتُ له: يجبُ ألَّا تبتعدَ كثيرًا، لا أريدُ أن أَتأخَّرَ عن البيتِ.

قال لي: سوف تَتأخَّرينَ بعضَ الوقتِ؛ لأنَّني لن أتنازلَ عنكِ بهذه السُّهولةِ .. فقطْ أريدُ أن تَبقَيْ معي بعضَ الوقتِ، أريدُ أن أملأَ عيني منكِ؛ لأنَّني رُبَّما لن يكونَ هناك مجالٌ عندكِ لرؤيتي بعدَها.

هكذا بدأ الحديثَ، رغمَ قلقي الَّذي يزدادُ إلَّا أنَّني كنتُ أريدُ البقاءَ معَه أيضًا ..

بدأ الحديثُ يأخذُ اتِّجاهًا رومانسيًّا، لا أعلمُ كم من الوقتِ بقينا على هذا الحالِ، حتَّى إنَّني لم أشعرْ بالطَّريقِ أو المسارِ الَّذي كان يسلكُه .. وفجأةً وجدتُ نفسي في مكانٍ لا أعرفُه .. مكانٍ مُظلِمٍ .. يُشبِهُ أن يكونَ استراحةً أو مزرعةً ..

بدأتُ أصرخُ: ما هذا المكانُ؟! إلى أين تأخذُني؟!

وما هي إلَّا ثوانٍ معدودةٌ، وإذا بالسَّيَّارةِ تقفُ، ورجلٌ آخرُ يفتحُ لي البابَ ويُخرِجُني بالقُوَّةِ!! كأنَّ كلَّ شيءٍ ينزلُ عليَّ كالصَّاعقةِ!!

صرختُ، وبكيتُ، واستجديتُ منهم أن يتركوني ..

أصبحتُ لا أفهمُ ما يقولون، ولا أَعِي ماذا يدورُ حولي ..

شعرتُ بضربةِ كفٍّ على وجهي، وصوتٍ يصرخُ في وجهي زَلزَلَني زلزالًا فقدتُ الوعيَ بعدَه من شدةِ الخوفِ ..

لا أعلمُ ماذا فعلوا بي، أو مَن هم، وكم عددُهم؟!

رأيتُ اثنينِ فقطْ .. كلُّ شيءٍ كان كالبرقِ من سرعتِه .. لم أشعرْ بنفسي إلَّا وأنا مُستلقِيةٌ في غرفةٍ خاليةٍ شِبهَ عاريةٍ .. ثيابي تَمزَّقتْ .. بدأتُ أصرخُ وأبكي وكان كلُّ جسمي مُتَّسِخًا .. وأعتقدُ أنَّني قد بُلتُ على نفسي ..

لم تَمُرَّ سوى ثوانٍ إلَّا ويدخلُ عليَّ وهو يضحكُ .. قلتُ له: باللهِ عليكم خَلُّوا سبيلي، خَلُّوا سبيلي، أريدُ أن أذهبَ إلى البيتِ.

قال: سوف تذهبين إلى البيتِ، ولكنْ يجبُ أن تَتَعهَّدي ألَّا تُخبِري أحدًا، وإلَّا سوف تكونين فضيحةَ أهلِكِ، وإذا أخبرتِ عنِّي أو قدَّمتِ شكوى فسيكون الانتقامُ من أبنائِكِ!

قلتُ له: أريدُ فقط أن أذهبَ، ولن أُخبِرَ أحدًا.

تَملَّكَني رعبٌ شديدٌ .. كنتُ أرى جسمي يرتعشُ، ولم أَتوقَّفْ عن البكاءِ ..

هذا كلُّ ما أذكرُه من الحادثةِ، ولا أعلمُ أيَّ شيءٍ آخرَ سوى أنَّه استغرق خروجي إلى حينِ عودتي ما يقاربُ الأربعَ ساعاتٍ ..

ربَط عيني، وحملوني إلى السَّيَّارةِ، ورمَوْني في مكانٍ قريبٍ من البيتِ ..

لم يَرَني أحدٌ وأنا في تلك الحالةِ .. دخلتُ البيتَ مُسرِعةً، وبقيتُ أبكي وأبكي حتَّى جفَّتْ دموعي ..

تبيَّن لي بعدَها أنَّهم اغتَصَبُوني، وكنتُ أنزفُ دمًا ..

لم أُصدِّقْ ما حدَث لي .. أصبحتُ حبيسةَ غرفتي .. لم أَرَ أبنائي، ولم أُدخِلْ في فمي أيَّ لقمةٍ ..

يا ويلي من نفسي .. لقد ذهبتُ إلى الجحيمِ برجليَّ! كيف سيكونُ حالي بعدَ هذه الحادثةِ؟!

كرهتُ نفسي، وحاولتُ الانتحارَ .. خشيتُ من الفضيحةِ ومن رِدَّةِ فعلِ زوجي ..

لا تسأليني عن أبنائي؛ فبعدَ هذه الحادثةِ لم أَعُدْ أعرفُهم أو أشعرُ بوجودِهم ولا بكُلِّ مَن حولي .. حتَّى بعدَ أن رجَع زوجي من السَّفرِ شعَر بالتَّغيُّرِ الكبيرِ الَّذي لم يَعهَدْه من قبلُ، وكانت حالتي سيِّئةً لدرجةِ أنَّه أخذني إلى المستشفى بقُوَّةٍ .. والحمدُ للهِ أنَّهم لم يكشفوا عليَّ كشفًا كاملًا، بل وجدوني في حالةٍ من الجفافِ وسوءِ التَّغذيةِ، وتَوقَّفوا عندَ ذلك ..

لن أُطِيلَ .. طلبتُ من زوجي أن يأخذَني إلى أهلي بأسرعِ وقتٍ ..

كنتُ أبكي كثيرًا، وأهلي لا يعلمون شيئًا، ويعتقدون أنَّ هنالك مشكلةً بيني وبينَ زوجي .. أعتقدُ أنَّ أبي خاطَبه ولم يصلْ إلى نتيجةٍ؛ حيثُ إنَّ زوجي نفسَه لا يعلمُ شيئًا!

لا أحدَ يعلمُ ما الَّذي حَلَّ بي، حتَّى إنَّ أهلي عرضوني على بعضِ القُرَّاءِ؛ اعتقاداً منهم أنِّي مُصابةٌ بأذًى من الجنِّ أو المسِّ أو نحوِ ذلك!

أنا لا أستحقُّ زوجي أبدًا، وقد طلبتُ منه هذه المرَّةَ الطَّلاقَ، وقد كنتُ سابقًا أطلبُ الطَّلاقَ لنفسي، أما هذه المرَّةَ فأنا أطلبُه إكرامًا لزوجي ووالدِ أبنائي .. فأنا لا أستحقُّ أن أعيشَ بينَ الأشرافِ مُطلَقًا ..

وكلُّ ما جرى لي كان بسببي أنا، وبسببِ (التشات) اللعينِ ..

أنا مَن حفَرتُ قبري بيدي، وصديقُ (التشات) لم يكنْ سوى صائدٍ لفريسةٍ من البناتِ اللَّاتي يَستخدِمْنَ (التشات) ..

كلُّ مَن سيعرفُ قصَّتي سوف ينعتنُي بـ(الغبيَّةِ)، (السَّاذجة)، بل أَستحِقُّ الرَّجمَ أيضًا .. وفي المقابلِ أتمنَّى ألَّا يَحدُثَ لأحدٍ مثلَ ما حدَث لي ..

أتمنَّى أن يسامحَني زوجي؛ فهو لا يستحقُّ كلَّ هذا العارِ، وأبنائي أرجو أن يسامحوني .. أنا السَّببُ .. أنا السَّببُ .. واللهَ أسألُ أن يغفرَ لي ذنبي، ويعفوَ عنِّي، ويَتجاوَزَ عن خطيئتي ..

الآنَ، بعدَ أن قرأتَ -أو قرأتِ- قصَّةَ صديقتي؛ أَمَا آنَ للبناتِ ومَن يستخدمُ (التشات)، والشَّبابِ الَّذي يلهثُ وراءَ الشَّهواتِ: أن يخافوا اللهَ في أنفسِهم وأهلِيهم؟!

هي ليست غلطةَ الإنترنت، بل نحنُ الَّذين لم نُحسِنِ استخدامَه .. نحنُ الَّذين نتركُ الخيرَ والفائدةَ العظيمةَ، ونبحثُ عن الشَّرِّ وما هو مُنافٍ لأخلاقِ المسلمِ!

أنا ألومُ صديقتي؛ لأنَّها كانت أكثرَنا رجاحةً في العقل، وكُنَّا نَحسُدُها على ذلك .. لم تكنْ عيشتُها سيِّئةً، ولا انتقالُها معَ زوجِها جريمةً؛ بل كانت تعيشُ عيشةَ الكِرامِ. ومسألةُ الفراغِ عندَ مَن لا يُحسِنُ استغلالَه الاستغلالَ الأمثلَ هي المشكلةُ!

(الإنترنت) في الغالبِ بابٌ واسعٌ للمعرفةِ، وهو أيضًا بابٌ كبيرٌ للشَّرِّ والرَّذيلةِ!

رُبَّما يجبُ أن نُعِيدَ النَّظرَ في (التشات)، وهي ليست بالمسألةِ الهيِّنةِ، وماذا عن الفراغِ الَّذي يملأُ ديارَنا؟ وهؤلاءِ الشَّبابُ ممَّن ليس لديهم عملٌ أو أهلٌ يُراقِبُونهم .. كلُّ شيءٍ يسيرُ إلى الأسوأِ في نظري .. المشاكلُ كثُرتْ .. والطَّلاقُ .. والسَّرِقاتُ ..

أين دَورُ الأبِ ورَبِّ الأسرةِ؟ رُبَّما زوجُها لم يُحسِنْ معاملتَها وتوجيهَها التَّوجيهَ الصَّحيحَ، بل رُبَّما رضَخ لِمَا تَطلُبُ ولم يُجهِدْ نفسَه في معرفةِ ما يدورُ ..

وأنتم يا مَن تَدَّعُون الإسلامَ، ماذا فعلتم تُجاهَ أنفسِكم ومَن بينَ أيدِيكم؟!

إنَّ الفراغَ الَّذي يملأُ ديارَنا شرٌّ، وأيُّ شرٍّ!!

نحنُ إنْ بقينا على حالِنا ولم نَتحرَّكْ؛ فسنُصبِحُ كالنَّعامِ نَدُسُّ رُؤُوسَنا في التُّرابِ!

أين الدُّعاةُ، وأهلُ الاحتسابِ؟!

أين المربونَ وأهلً الإعلامِ؟!

أين الخطباءُ وأئمةُ المساجد؟!

لماذا نحن آخِرُ مَن يستخدمُ التِّقنيَّاتِ الحديثةٍ، وأكثر من يسيئون استخدامها؟!

لماذا لا نكونُ الرُّوَّادَ في الاستفادةِ منها وتوجيهِها؟!

أين شبابُنا من العلمِ والبحثِ فيه؟!

أين شبابُ المسلمين من وقتِهم، وكيف يُوجَدُ بينَهم مَن يريدُ الفسادَ في الأرضِ؟!

لا أقولُ إلَّا: حَسْبُنا اللهُ ونِعمَ الوكيلُ ..

اللَّهُمَّ سلِّمْ سلِّمْ ..

اللَّهُمَّ لُطْفَكَ بعبادِكَ ..

اللَّهُمَّ أَبرِمْ لهذه الأُمَّةِ أمرَ رشدٍ يُعَزُّ فيه أهلُ طاعتِكَ، ويُذَلُّ فيه أهلُ معصيتِكَ، ويُؤمَرُ فيه بالمعروفِ، ويُنهَى عن المنكرِ.

أُمَّاه، أَبَتاه .. كيف ضيَّعتم أمانتَكم؟!

أُمِّي .. أنتِ أساسُ هذه الأُمَّةِ، أين دَورُكِ في إنتاجِ جيلٍ يقودُ هذا العالمَ بدلًا من التَّسكُّعِ في الشَّوارعِ، وقضاءِ وقتِ الفراغِ في الشَّهواتِ والملذَّاتِ؟!

أين العاداتُ والتَّقاليدُ؟ أين .. وكيف لها أن تبقى؟

هكذا أصبَحْنا نستوردُ أخلاقَنا وقِيَمَنا من الغربِ .. كيف يحدثُ هذا في بلادِنا؟ كيف يفعلُ مسلمٌ فعلةً كهذه؟!

الأمرُ بيدِ أولياءِ أمورِ المسلمينَ، وسوف يُسأَلون عن كلِّ صغيرةٍ وكبيرةٍ؛ فحاسِبُوا أنفسَكم قبلَ أن تُحاسَبوا ..

بَقِيَ أن أقولَ:

لقد تُوُفِّيتْ صديقتي قبلَ أسابيعَ .. ماتت ومات سِرُّها معَها .. زوجُها لم يُطلِّقْها، وقد عَلِمتُ أنَّه حَزِنَ عليها حزنًا شديدًا، وعلمتُ أنَّه ترَك عملَه، ورجَع كي يبقى بجانبِ أبنائِه وراحةِ زوجتِه!

شعرتُ بعدَها أنَّ هذه الحياةَ ليست ذاتَ أهمِّيَّةٍ .. ليس لها طعمٌ أبدًا إلَّا مَن استثمرها في طاعةِ اللهِ ورسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ..

تَرَحَّموا عليها، واطلبوا لها المغفرةَ ..

ختامًا أقول:

هذه قصِّةٌ من آلافِ القَصصِ، فيها من العبر والعظات، والتوعية والتنبيه، فلعل قارئٌ أن يتعظَ، ومعتبرٌ أن يعتبر!

ستر اللهُ أَعراضَنا، وجنَّبنا الفتنَ ما ظهر منها وما بطنَ، والحمدُ لله ربِّ العالمينَ.

روابط ذات صلة

القصة السابق
القصص المتشابهة القصة التالي

.

تصميم وتطوير كنون