۩ البحث ۩



البحث في

۩ إحصائية الزوار ۩

الاحصائيات
لهذا اليوم : 272
بالامس : 393
لهذا الأسبوع : 10355
لهذا الشهر : 21510
لهذه السنة : 441746

۩ التواجد الآن ۩

يتصفح الموقع حالياً  29
تفاصيل المتواجدون

:: فتاةٌ مُحافِظةٌ تأخَّر زواجي فتَغيَّرت مفاهيمي! ::

الاستشارة

:: فتاةٌ مُحافِظةٌ تأخَّر زواجي فتَغيَّرت مفاهيمي! ::

 

د.ظَافِرُ بْنُ حَسَنٍ آلُ جَبْعَان

 

السَّلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه.

أنا فتاةٌ مُحافِظةٌ، أُحافِظُ على حِجابي وصَلاتي، ولا أقعُ في المُنكَراتِ والحمدُ للهِ، لكنْ تَأخَّر زواجي، فبدأ إبليسُ يُوسوِسُ لي كي يُضعِفَ ثقتي بربِّي عزَّ وجلَّ، فأَصبَحتُ أُفكِّرُ في موضوعِ تَأخُّرِ الزَّواجِ، وتأتيني أحيانًا وساوسُ شيطانيَّةٌ؛ كالحسدِ لِمَن تَزوَّجتْ قَبْلي، والنَّظرِ إلى النِّعَمِ الَّتي عندَ غيري والعياذُ باللهِ! وأنسى أحيانًا نِعَمَ اللهِ عزَّ وجلَّ. وهذه مُجرَّدُ وساوسَ لا أريدُ أن أُفكِّرَ فيها، وأريدُ أن يزدادَ يقيني باللهِ -عزَّ وجلَّ- يومًا بعدَ يومٍ، وليس العكس، ولا أريدُ أن يأخذَ الحسدُ طريقَه إليَّ.

سؤالي:

كيف أُصلِحُ مِن نفسي، وأن أُبعِدَ عنِّي هذه الأفكارَ الَّتي تأتيني أحيانًا، وأن يكونَ عندي يقينٌ باللهِ -عزَّ وجلَّ- مهما حصل ولا شيءَ يستطيعُ أن يُزعزِعَ يقيني باللهِ عزَّ وجلَّ، وكيف أَتخلَّصُ من هذه الأفكارِ الشَّيطانيَّةِ الَّتي تأتيني؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.

الجوابُ:

وعليكم السَّلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه.

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِه الأمينِ، وعلى آلِه، وصحبِه أجمعينَ.

أمَّا بعدُ؛ فيا أختي الفاضلة: أسألُ اللهَ أن يُوفِّقَكِ لكُلِّ خيرٍ، وأن يُصلِحَ شأنَكِ، وأن يُيسِّرَ أمرَكِ.

أمَّا بالنِّسبةِ لسُؤالِكِ؛ فاحمَدِي اللهَ أن جعلكِ من المُحافِظين على دينِكِ، والمُلتزِمين بحجابِكِ، فهذه نعمةٌ جليلةٌ ليس لها نظيرٌ، ومِنَّةٌ من اللهِ لكِ لا يُجارِيها مِنَّةٌ؛ فأكثِرِي من شُكرِ اللهِ وحمدِه، فأنتِ على الحقِّ، وعلى خيرٍ، وفي خيرٍ؛ فلا يَحمِلنَّكِ تأخُّرُ قدرِ اللهِ لكِ أن يُصِيبَكِ الشَّيطانُ بكيدِه، أو أن يُلبِّسَ عليكِ بتلبيسِه، فتَفقِدِي هذه النِّعمةَ، أو يَنقُصَ أجرُكِ عندَ ربِّكِ، ونحو ذلك.

أختي الكريمة: ابتلاءُ اللهِ للعبدِ لا يدلُّ على أنَّ اللهَ يُبغِضُه، أو لا يُحِبُّه ولا يريدُ له الخيرَ، بل قد يكونُ العكس تمامًا: فإنَّ اللهَ قد يَبتلِي أولياءَه لِيَسمَعَ دعاءَهم، أو لِيَرفَعَ درجاتِهم، أو لِيُكفِّرَ عنهم من سيِّئاتِهم؛ فتقديرُ اللهِ البلاءَ على العبدِ خيرٌ كُلُّه، فاللهُ لا يُقدِّرُ شرًّا مَحْضًا، قد يُقدِّرُ اللهَ الشَّرَّ لكنَّه يريدُ بهذا الشَّرِّ الخيرَ للعبدِ، والعبدُ لا يُدرِكُ ذلك.

وكذلك العبدُ لا يعلمُ أين الخيرُ له، فقد يكونُ الخيرُ له في عدمِ إعطائِه ما يرغبُ فيه ويتمنَّاه، فقد يكونُ سببُ تعبِه وشقائِه ما تَمنَّاه، فكم من نعمةٍ تَمنَّاها العبدُ كانت سببًا في تلفِه، أو في تعبِه وعنائِه؛ فالخِيرةُ فيما اختاره اللهُ للعبدِ، ولذلك شُرِع للعبدِ الاستخارةُ لِيَختارَ اللهُ له ما ينفعُه ويُعِينُه في أمرِ دينِه ودنياه.

أختي الفاضلة: إذا شعرتِ بأنَّكِ مُبتلاةٌ فعليكِ بالصَّبرِ؛ فإنَّ اللهَ يحبُّ الصَّابرين، يقولُ تعالى: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 146]، ثُمَّ لتعلمي أنَّ هذا البلاءَ يُكفِّرُ اللهُ به السَّيِّئاتِ لِمَن صبر على ما يُصِيبُه في حالِ الدُّنيا، سواءٌ كَبُرَ المُصابُ أم صَغُر؛ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «مَا يُصِيبُ المُؤْمِنَ مِن وَصَبٍ وَلا نَصَبٍ، وَلا سَقَمٍ وَلا حَزَنٍ، حَتَّى الهَمّ يُهَمُّهُ إِلَّا كُفِّرَ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ» [أخرجه مسلمٌ (6733) من حديثِ أبي هُرَيرةَ رضي اللهُ عنه]، والنَّصَبُ التَّعَبُ، والوَصَبُ المرضُ، وقيل: هو المرضُ اللَّازمُ.

وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:«مَا يَزَالُ البَلاءُ بِالمُؤْمِنِ والمُؤْمِنَةِ فِي نَفْسِهِ، وَوَلَدِهِ، وَمَالِهِ، حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ» [أخرجه التِّرمذيُّ (2399)، وصحَّحه الألبانيُّ في «الصَّحيحة» (2280)].

قال الإمامُ القَرافيُّ -رحمه اللهُ تعالى-: (المصائبُ كفَّاراتٌ جَزْمًا، سواءٌ اقتَرَن بها الرِّضا أم لا، لكنْ إن اقتَرَن بها الرِّضا عَظُم التَّكفيرُ، وإلَّا قَلَّ) [«فتح الباري» 11/242].

وممَّا سبق يتَّضحُ جليًّا أنَّ الخيرَ التَّامَّ في تقديرِ اللهِ للعبدِ، سواءٌ كان خيرًا أو غيرَ ذلك؛ وأرجو مُراجَعةَ هذا المقالِ: (حالُ الإنسانِ عندَ حُلُولِ المُصِيبةِ)؛ ففيه ما يكفي ويشفي:

http://aljebaan.com/play-48.html

وأمَّا بالنِّسبةِ لإنعامِ اللهِ للعبدِ وهو يَعصِيه؛ فليس فيه ما يَدُلُّ على أنَّ اللهَ يُحِبُّه، أو أنَّه راضٍ عنه، بل قد يكونُ هذا استدراجًا منه له ليُمضِيَ فيه قَدَرَه. فالتَّقديرُ بالخيرِ والسَّرَّاءِ نوعٌ من أنواعِ البلاءِ، وليس البلاءُ ما كان بالشَّرِّ فقطْ، فكما أنَّ اللهَ يبتلي بالشَّرِّ فإنَّه يبتلي بالخيرِ، وكما يبتلي بالضَّرَّاءِ فإنَّه يبتلي بالسَّرَّاءِ، يقولُ اللهُ تعالى: {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء: 35]. ويقولُ عبدُ الرَّحمنِ بنُ عوفٍ رضي اللهُ عنه: (ابتُلِينا معَ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- بالضَّرَّاءِ فصَبَرْنا، ثُمَّ ابتُلِينا بالسَّرَّاءِ بَعْدَه فلم نَصبِرْ) [أخرجه التِّرمذيُّ (2464)، وإسنادُه حَسَنٌ]؛ فبعضُ مَن ابتلاهم اللهُ بالخيرِ كان هذا الخيرُ سببًا لغفلتِهم، أو إعراضِهم عن اللهِ، أو تَجاسُرِهم على حرماتِ اللهِ!!

وأمَّا جوابُ سؤالِكِ: كيف أُصلِحُ من نفسي، وأتوبُ ممَّا قلتُه، ولا أُغضِبُ ربِّي بكلامي؟

فالجوابُ من خلالِ ما يلي:

أوَّلًا: يجبُ عليكِ الرِّضا بالقضاءِ والقَدَرِ؛ فالإيمانُ به رُكنٌ من أركانِ الإيمانِ، وإذا تَخلَّف هذا الرُّكنُ عن العبدِ كان إيمانُه ناقصًا، وخللُ رضاه بربِّه ظاهرًا وواضحًا.

- ومِن الإيمانِ بالقضاءِ والقَدَرِ: أن يعتقدَ العبدُ أنَّ ما يَجرِي في هذا الكونِ هو بقضاءِ اللهِ وتقديرِه، ومن ذلك تقديرُ اللهِ عليكِ هذا الأمرَ، وتقديرُه لغيرِكَ ما تتمَّنينه.

- ومن الإيمانِ بالقضاءِ والقدرِ أيضًا: التَّسليمُ التَّامُّ لأمرِ اللهِ وحُكمِه، فلا يُحسَدُ عبدٌ على نعمةٍ أعطاه اللهُ إيَّاها، ولا يُسِيءُ العبدُ الظَّنَّ بربِّه، بل إحسانُ الظَّنِّ باللهِ من أعظمِ علاماتِ الإيمانِ به، والرِّضا بحُكمِه وأمرِه، والتَّسليمِ التَّامِّ لحُكمِه وقدرِه؛ يقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ» [أخرجه أحمدُ 3/491، وأصلُه في «الصَّحيحينِ»]؛ فلا يُظَنُّ باللهِ إلَّا الخيرُ، فكيف يُسيءُ العبدُ الظَّنَّ بربِّه ومولاه وهو أرحمُ به من نفسِه لنفسِه؟!

ثانيًا: أَشغِلي نفسَكِ بما ينفعُكِ، سواءٌ في أمرِ دينِكِ أو دُنياكِ؛ فهذا يجعلُكِ تنشغلي عمَّا يشغلُ بالَكِ، ويُضِيعُ وقتَكِ، ويُكدِّرُ صفوَ خاطرِكِ.

ثالثًا: اعلَمِي أنَّ الخيرَ فيما اختاره اللهُ لكِ؛ فلعلَّه لو تَحقَّق لكِ ما تُرِيدينَ = فُتِنتِ في دينِكِ أو دُنياكِ، وكان هذا الأمرُ عليكِ شرًّا وفتنةً!

رابعًا: ابحثي عن صُحبةٍ صالحةٍ تُعِينُكِ على حفظِ وقتِكِ، وإسعادِ رُوحِكِ.

خامسًا: إذا جاءكِ مثلُ هذه الأفكارِ؛ فمُباشَرةً انصرِفي عن التَّمادِي في الاسترسالِ فيها، وانشغلي بذكرِ اللهِ وقراءةِ القرآنِ.

سادسًا: عليكِ بكثرةِ التَّوبةِ والاستغفارِ؛ فإنَّ التَّوبةَ تَجُبُّ ما قبلَها، وبابُ التَّوبةِ مفتوحٌ، ورحمةُ اللهِ بعبادِه واسعةٌ، ومن التَّوبةِ كثرةُ الاستغفارِ.

سابعًا: مثلُ هذه الأفكارِ والهواجسِ لا يُقاوِمُها العبدُ إلَّا بكثرةِ ذكرِ اللهِ، ومنه التَّسبيحُ، والتَّهليلُ، والتَّحميدُ، والتَّكبيرُ، والصَّلاةُ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.

ثامنًا: كثرةُ الدُّعاءِ بأن يرزقَكِ اللهُ الهُدى والتُّقى والعفافَ والغِنى، وأُوصِيكِ بأن تسألي والدتَكِ الدُّعاءَ لكِ؛ فلدعاءِ الوالدةِ أثرٌ ظاهرٌ وواضحٌ على العبدِ.

وختامًا: أسألُ اللهَ العظيمَ ربَّ العرشِ العظيمِ أن يُيسِّرَ أمرَكِ، ويُفرِّحَ قلبَكِ، ويكشفَ همَّكِ، ويُعِينَكِ على أمورِ دينِكِ ودُنياكِ.

واللهُ تعالى أعلمُ.


الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

أختي الفاضلة، أسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يصلح شأنك، وأن ييسر أمرك.

أما بالنسبة لسؤالك، فاحمدِ الله أن جعلك من المحافظين على دينك، والملتزمين بحجابك، فهذه نعمة جليلة ليس لها نظير، وَمِنَّةٌ من الله لك لا يُجاريها مِنَّة، فأكثرِ من شكر الله وحمده، فأنت على الحق، وعلى خير وفي خير، فلا يحملنك تأخر قدر الله لك أن يصيبك الشيطان بكيده، أو أن يلبس عليك بتلبيسه، فتفقدي هذه النعمة، أو ينقص أجرك عند ربك، ونحو ذلك.

أختي الكريمة، ابتلاء الله للعبد لا يدل على أن الله يبغضه، أو لا يحبه ولا يريد له الخير، بل قد يكون العكس تمامًا، فإن الله قد يبتلي أولياءه ليسمع دعاءهم، أو ليرفع درجاتهم، أو ليكفر عنهم من سيئاتهم، فتقدير الله البلاء على العبد خير كله، فالله لا يقدر شرًا محضًا، قد يقدر الله الشر لكنه يريد بهذا الشر الخير للعبد، والعبد لا يدرك ذلك.

وكذلك العبد لا يعلم أين الخير له، فقد يكون الخير له في عدم إعطائه ما يرغب فيه ويتمناه، فقد يكون سبب تعبه وشقائه ما تمنها، فكم من نعمة تمناها العبد كانت سببًا في تلفه، أو في تعبه وعنائه، فالْخِيْرَةُ فيما اختاره الله للعبد، ولذلك شُرع للعبد الاستخارة ليختر الله له ما ينفعه ويعينه في أمر دينه ودنياه.

أختي الفاضلة، إذا شعرتِ بأنك مبتلاة فعليك بالصبر، فإن الله يحب الصابرين، يقول تعالى:] وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ [ [آل عمران:146]، ثم لتعلم أن هذه البلاء يكفر الله به السيئات لمن صبر على ما يصيبه في حال الدنيا، سواءً كَبُرَ المُصاب أَمْ صَغُر؛ قال r من حديث أبي هريرة t:« مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ وَلاَ نَصَبٍ وَلاَ سَقَمٍ وَلاَ حَزَنٍ حَتَّى الْهَمِّ يُهَمُّهُ إِلاَّ كُفِّرَ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ » أخرجه مسلم(6733)، والنصب التعب، والوصب: المرض، وقيل هو المرض اللازم.

وقال r:« مَا يَزَالُ الْبَلاَءُ بِالْمُؤْمِنِ وَالْمُؤْمِنَةِ فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ » أخرجه الترمذي (2399)، وصححه الألباني في الصحيحة(2280).

قال الإمام القرافي - رحمه الله تعالى -:( المصائب كفارات جزمًا سواءً اقترن بها الرضا أم لا، لكن إن اقتران بها الرضا عظم التكفير وإلا قل). فتح الباري (11/242).

ومما سبق يتضح جليًا أن الخير التام في تقدير الله للعبد، سواءً كان خيرًا أو غير ذلك؛ وأرجو مراجعة هذا المقال:"حال الإنسان عند حلول المصيبة" ففيها ما يكفي ويشفي، http://aljebaan.com/play-48.html

وأما بالنسبة لإنعام الله للعبد وهو يعصيه فليس فيه ما يدل على أن الله يحبه، أو هو راضي عنه، بل قد يكون هذا استدراجًا منه له ليُمضي فيه قَدَرُه، فالتقدير بالخير والسَّرَّاء نوع من أنواع البلاء، وليس البلاء ما كان بالشَّرِ فقط، فكما أن الله يبتلي بالشر فإنه يبتلي بالخير، وكما أنه يبتلي بالضراء فإنه يبتلي بالسراء، يقول الله تعالى:] وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ[ [الأنبياء:35]؛ ويقول عبدالرحمن بن عوف – رضي الله عنه -:(ابْتُلِينَا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بِالضَّرَّاءِ فَصَبَرْنَا، ثُمَّ ابْتُلِينَا بِالسَّرَّاءِ بَعْدَهُ فَلَمْ نَصْبِرْ). أخرجه الترمذي(2464) وإسناده حسن؛ فبعض من ابتلاهم الله بالخير كان هذا الخير سببًا لغفلتهم، أو إعراضهم عن الله، أو تجاسرهم على حرمات الله.

وأما جواب سؤالك: كيف أصلح من نفسي، وأتوب مما قلته ولا أُغضب ربي بكلامي؟!

فالجواب من خلال ما يلي:

أولاً، يجب عليك الرضا بالقضاء والقدر، فالإيمان به ركن من أركان الإيمان، وإذا تخلف هذا الركن عن العبد كان إيمانه ناقصًا، وخلل رضاه بربه ظاهرًا وواضحًا، ومن الإيمان بالقضاء والقدر أن يعتقد العبد أن ما يجري في هذا الكون هو بقضاء الله وتقديره، ومن ذلك تقدير الله عليكِ هذا الأمر، وتقديره لغيرك ما تتمنينه، ومن الإيمان بالقضاء والقدر – أيضًا - التسليم التام لأمر الله وحكمه، فلا يُحْسَدُ عبد على نعمة أعطاه الله إياها، ولا يُسيء العبد الظن بربه، بل إحسان الظن بالله من أعظم علامات الإيمان به، والرضا بحكمه وأمره، والتسليم التام لحكمه لقدره، يقول صلى الله عليه وسلم:« قَالَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ » أخرجه أحمد(3/491) وأصله في الصحيحين؛ فلا يُظَنُّ بالله إلا خيرًا، فكيف يسيءُ العبد الظن بربه ومولاه وهو أرحم به من نفسه لنفسه؟!

ثانيًا، أشغلي نفسك بما ينفعك، سواء في أمر دينك أو دنياك، فهذا يجعلك تنشغلي عما يَشْغَلُ بالك، ويُضِيْعُ وقتك، ويكدر صفو خاطرك.

ثالثاً، اعلمي أن الخير فيما اختاره الله لك، فلعله لو تحقق لك ما تريدين فُتِنْتِ في دينك أو دنياك، وكان هذا الأمر عليك شرٌ وفتنة.

رابعًا، ابحثي عن صحبة صالحة تعينك على حفظ وقتك، وإسعاد روحك.

خامسًا، إذا جاءك مثل هذه الأفكار فمباشرة انصرفي عن التمادي في التفكير فيها، وأكثري من ذكر الله وقراءة القرآن.

سادسًا، كثرة الدعاء بأن الله يرزقك الهدى والتقى والعفاف والغنى، وأوصيك بأن تسألي والدتك الدعاء لك، ففي دعاء الوالدة أثر ظاهرٌ وواضحٌ على العبد.

وختامًا، أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن ييسر أمرك، ويفرح قلبك، ويكشف همك، ويعينك على أمور دينك ودنياك، والله أعلم.

وكتبها الفقير

إلى عفو سيده ومولاه

د.ظَافِرُ بْنُ حَسَنْ آل جَبْعَان

www.aljebaan.com

الأربعاء 27/5/1436هـ

روابط ذات صلة

تصميم وتطوير كنون