۩ القائمة الرئيسية ۩
۩ فوائد علمية ۩
۩ القصص الدعوية ۩
۩ البحث ۩
۩ الاستشارات ۩
۩ إحصائية الزوار ۩
۩ التواجد الآن ۩
يتصفح الموقع حالياً 23
تفاصيل المتواجدون
:: والِدي يقسُو عليَّ؟! ::
الاستشارة
:: والِدي يقسُو عليَّ؟! ::
د. ظافرُ بنُ حسنٍ آلُ جَبْعانَ
السَّلامُ
عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه. أنا أعتبرُ نفسي مُبتلًى
بوالدٍ قاربتُ في فترةٍ من الفتراتِ على كُرهِه، وتركهِ، والخروجِ من البيتِ!! وأَصبَح
لديَّ شعورٌ داخليٌّ تستطيعُ تَسميتَه بتَمرُّدٍ عليه! يعني يطلبُ منِّي فلا أُجِيبُه
[طبعًا لم أفعلْ، ولكنِّي قاربتُ]، ولم أَعُدْ أخافُ منه، وليس له أيُّ هيبةٍ
عندي، وأَصبحَتْ نصيحتُه عندي كالمَسبَّةِ، وحتَّى إن قال خيرًا فلا أُبالِي ولا أَقتنِعُ
بما يقولُ! هذا الأمرُ كان سببُه هو تَصرُّفاتِ والدي معي خاصَّةً. باختصارٍ: والدي شخصٌ
سريعُ وكثيرُ الغضبِ، وإذا غَضِب فهو مُستعِدٌّ أن يفعلَ أيَّ شيءٍ، بل ويريدُني
كالملائكةِ لا أُخطِئُ، ولا يَتقبَّلُ منِّي أيَّ خطأٍ، ويريدُ كلَّ شيءٍ على
تفصيلِه هو، ويلومُني وأُمِّي خاصَّة إذا لم يَتذكَّرْ شيئًا خاصًّا به! وكثيرٌ من
الأشياءِ لا أريدُ أن أُطِيلَ عليكَ بها ...
واللهِ يا شيخُ أنا لا أُبالِغُ،
هذا هو الواقعُ، فأَرشِدْني -أَرشَدَكَ اللهُ- كيف أَتصرَّفُ؟ وما الَّذي لي وما الَّذي
عليَّ؟ وهل يجوزُ لي الخروجُ من البيتِ؟ وهل يحقُّ لأحدٍ مَنعِي من ذلك؟ معَ العلمِ
أنِّي شابٌّ بالغٌ، وأنا أكبرُ أبنائِه ... ولا تنسَ الدُّعاءَ لي، وجزاكَ اللهُ خيرًا. الجوابُ: وعليكم
السَّلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه. بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ الحمدُ للهِ ربِّ
العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِه الأمينِ، وعلى آلِه، وصحبِه أجمعينَ. أمَّا بعدُ: فبدايةً: أسألُ اللهَ العليَّ العظيمَ أن يُطهِّرَ قلبَكَ، ويشرحَ صدرَكَ، ويُعِينَكَ
على بِرِّ والدِكَ. ثُمَّ أَستأذِنُكَ أُخَيَّ
في وقفاتٍ يسيرةٍ؛ لعلَّ اللهَ -تعالى- أن ينفعَ بها، ولن أُحدِّثَكَ عن حُرمةِ عقوقِ الوالدينِ، ولن أَسرِدَ أدلَّةَ
ذلك، ولا أنَّ العقوقَ دَيْنٌ ونحوُه؛ لأنِّي أَحسَبُ أنَّ ذلك مُتقرِّرٌ عندَ كُلِّ
أحدٍ، ولكنِّي سأُركِّزُ على الجانبِ العمليِّ الَّذي إن سلكتَه سيَنصلِحُ الحالُ
-بإذنِ اللهِ تعالى-، وستَبلُغُ مُرادَكَ، ولاحِظْ أنَّ ما سأُورِدُه يَتعلَّقُ بكَ
وحدَكَ؛ فالإنسانُ إن أراد التَّغييرَ بدأ بنفسِه؛ لأنَّه يَملِكُها، فأقولُ مُستعِينًا
باللهِ تعالى: الوقفةُ الأولى: أَصلِحْ قلبَكَ يَصلُحْ
شأنُكَ: إنَّ من أعظمِ ما يُعِينُ
الفردَ على مُواجَهةِ المشكلاتِ والمصاعبِ الَّتي تواجهُه في حياتِه: صلاحَ قلبِه،
ويكونُ صلاحُه بأمورٍ، منها: 1- الدُّعاءُ
والتَّضرُّعُ، واللُّجوءُ إلى اللهِ -عزَّ وجلَّ-، وطلبُ العونِ منه؛ ادعُ ربَّكَ
-جلَّ وعلا- دُعاءَ المحزونِ: أن يرفعَ ما أَهمَّكَ، ويُزِيلَ ما تَجِدُ في قلبِكَ
على والدِكِ، ويُبدِلَكَ فرحًا ورِضًا. قال رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: «مَا قَالَ عَبْدٌ قَطُّ إِذَا أَصَابَهُ هَمٌّ وَحَزَنٌ: "اللَّهُمَّ
إِنِّي عَبْدُكَ، وَابْنُ عَبْدِكَ، وَابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ
فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ،
سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ
أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ: أَنْ
تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجَلاءَ حُزْنِي،
وَذَهَابَ هَمِّي" = إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- هَمَّهُ، وَأَبْدَلَهُ
مَكَانَ حُزْنِهِ فَرَحًا» [أخرجه أحمدُ 1/452، وصحَّحه الألبانيُّ في «السِّلسلةِ الصَّحيحةِ» (199)]. 2- كثرةُ الذِّكرِ؛ فقد قال
ربُّنا سبحانه: {الَّذِينَ
آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ
الْقُلُوبُ}
[الرَّعْد: 28]. 3- قراءةُ القرآنِ؛ حيثُ
قال -عَزَّ اسمُه-: {يَا أَيُّهَا
النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِن رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ
وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 57]. 4- الاستغفارُ؛ فقد قال نبيُّنا
-صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: (مَن لَزِم الاستغفارَ؛ جَعَلَ اللهُ له مِن كُلِّ ضِيقٍ
مَخرَجًا، ومِن كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، ورَزَقَه مِن حيثُ لا يَحتسِبُ) [سنن أبي داودَ (1518)]،
وفي الأثرِ: (مَن عَمِل لآخِرتِه كَفَاهُ اللَّهُ دُنيَاهُ، ومَن أَصلَحَ ما
بَينَهُ وبَينَ اللهِ كَفَاهُ اللَّهُ النَّاسَ، ومَن أَصلَحَ سَرِيرتَهُ أَصلَحَ
اللَّهُ عَلانِيتَهُ) [أخرجه ابنُ أبي شَيْبةَ في «مُصنَّفِه»
13/573]؛ إنَّ صلاحَ السَّريرةِ كَفِيلٌ -بإذنِ اللهِ تعالى- أن يُصلِحَ
ما بينَكَ وبينَ والدِكَ. 5- مُجالَسةُ
الصَّالحينَ، فأُوصِيكَ بتَعاهُدِ الصَّالحينَ ومُلازَمةِ مَجالِسِهم؛ فهي تُرقِّقُ
القلوبَ. الوقفةُ الثَّانيةُ: أَلِنِ
الكلامَ تَبلُغْ: أخي المُبارَكَ: إنِّي
وجدتُ في عباراتِكَ حِدَّةً لا ينبغي أن تصدرَ مِن ابنٍ في حقِّ أبيه! تأمَّلْ معي
كلماتِكَ: (أَعتبِرُ نفسي مُبتلًى - كُرهه وتَرْكه
- تَمرُّد عليه - لم أَعُدْ أخافُ منه وليس له أيُّ هيبةٍ)!! إلى نهايةِ كلامِكَ، وأسألُكَ بصدقٍ: هل تقبلُ أن يُقالَ عنكَ مِثلُ
هذه الكلماتِ ولو في غَيبتِكَ؟! الكلمةُ الطَّيِّبةُ تأسِرُ
القلوبَ، وتُزِيلُ وَحَرَ الصَّدرِ، وتبلغُ
بها ما تَعجِزُ عن بلوغِه بغيرِها، طريقُها شاقٌّ أوَّلُه لكنَّه مُمهَّدٌ تاليه؛ فوطِّنْ
نفسَكَ على أن تتطامنَ معَ والدِكَ وتخضعَ له بالكلامِ، إن غَضِب فرُدَّ عليه ردًّا
ليِّنًا معَ خضوعٍ؛ كأن تقولَ: (حاضر، أَبشِرْ، أمرك، حقّك علينا...)، وإن قال: أنتَ
مُخطِئٌ. فقُلْ: نعم، وأنتَ المُعلِّمُ المُربِّي، إن لم تُعلِّمْني فمَن؟! وغيرُها
من الكلماتِ الرَّقيقةِ والَّتي ستُؤثِّرُ في نفسِ والدِكَ كثيرًا، وستجدُ ذلك معَ
الوقتِ. الوقفةُ الثَّالثةُ: حلولٌ
سريعةٌ: - هل جرَّبتَ الهديَّةَ؟
جَرِّبْها .. اذهَبْ يومًا واشتَرِ لوالدِكَ هديَّةً تعلمُ أنَّه يُحِبُّها، فاجِئْه
بها، معَ قُبلةٍ على رأسِه في وقتِ رضًا، عندَها سيكونُ لديكَ رصيدٌ عاطفيٌّ في
حالِ غضبِه! وقد قال رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: «تَهَادَوْا تَحَابُّوا»
[أخرجه أبو يعلى المَوْصليُّ في «مُسنَدِه» 5/425، والبيهقيُّ في «السُّنن
الكبرى» 6/169]. - حينَ يثورُ والدُكَ
غاضبًا؛ اترُكِ المكانَ، تَوجَّهْ إلى مكانٍ هادئٍ حتَّى يزولَ غضبُه، أَكثِرْ من الاستغفارِ،
خُذْ نَفَسًا عميقًا، تَذكَّرْ أمورًا تُسعِدُكَ وتُحِبُّها، أو اخرُجْ من البيتِ
ليس خروجَ مُغضَبٍ، بل خروجَ ابنٍ بارٍّ لا يريدُ أن يكونَ سببًا في غضبِ والدِه،
وحين تعودُ إلى البيتِ فستجدُ كأنَّ شيئًا لم يكنْ، ويقينًا ستجدُه هادئًا، سلِّمْ
وتَبسَّمْ، واحتَسِبِ الأجرَ؛ بذلك يزولُ ما في النَّفسِ. - اقرأ في الكتبِ الَّتي
تُعِينُكَ على تَفهُّمِ المرحلةِ العمريَّةِ الَّتي يَمُرُّ بها والدُكَ، فغالبُ
كبارِ السِّنِّ يَثُورون سريعًا ويعودون سريعًا، وهذه طبيعةُ المرحلةِ! سألتَ: هل يجوزُ لي الخروجُ
وتركُ المنزلِ؟ أقولُ: أَخرِجْ هذه الفكرةَ من رأسِكَ، كيف تخرجُ من المنزلِ وتبتعدُ عن
والدِكَ؟! هو الآنَ أحوجُ ما يكونُ لِسَندٍ يَستنِدُ إليه، وقد كَبِرَ سِنُّه، ورَقَّ
عَظمُه، وأنتَ شابٌّ بالغٌ اليومَ، وستكونُ كهلًا غدًا، فتَفكَّرْ! ثُمَّ هل تَظُنُّ هذه
الحياةَ دارَ سعادةٍ؟! اصبِرْ، وتَصبَّرْ، واسأَلِ اللهَ تعالى العونَ والثَّباتَ؛
فلا مُستراحَ للعبدِ إلَّا في الجنَّةِ، وقد سُئِل الإمامُ أحمدُ: متى يجدُ العبدُ
الرَّاحةَ؟ قال: (عندَ أوَّلِ قدمٍ يضعُها في الجنَّةِ) [«طبقات الحنابلة» 1/291]،
أسألُ اللهَ تعالى لي ولكَ ولوالِدِينا الفردوسَ الأعلى من الجنَّةِ. صاحبي: أَدرِكِ البابَ قبلَ أن يُغلَقَ! فاللهُ -عزَّ وجلَّ- قد جعل من
الوالدينِ بابينِ مُوصِلينِ إلى الجنَّةِ، ومَن فقد أحدَهما فهو واللهُ مغبونٌ
مغبونٌ، وإنَّ بعضَهم ليتمنَّى أنَّ والدَه ما زال على قيدِ الحياةِ بالدُّنيا قاطبةً،
أَصلَح اللهُ تعالى حالَكَ، وفرَّج عنكَ همَّكَ.
واللهُ تعالى أعلمُ
وأحكمُ، والحمدُ للهِ ربِّ
العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على
رسولِ اللهِ.
روابط ذات صلة
الاستشارة السابق :: فتاةٌ مُحافِظةٌ تأخَّر زواجي فتَغيَّرت مفاهيمي! :: | الاستشارات المتشابهة | الاستشارة التالي :: والِدي يقسُو عليَّ؟! :: |
تصميم وتطوير كنون