۩ البحث ۩



البحث في

۩ إحصائية الزوار ۩

الاحصائيات
لهذا اليوم : 957
بالامس : 1225
لهذا الأسبوع : 6578
لهذا الشهر : 30815
لهذه السنة : 126707
منذ البدء : 3740985
تاريخ بدء الإحصائيات : 3-12-2012

۩ التواجد الآن ۩

يتصفح الموقع حالياً  29
تفاصيل المتواجدون

:: التَّاريخُ الهجريُّ ::

المقال

:: التَّاريخُ الهجريُّ ::

 د. ظافرُ بنُ حسنٍ آلُ جَبعانَ


بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

التَّأريخُ الهجريُّ

الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشُّكرُ له على توفيقِه وامتنانِه، وأشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ تعظيمًا لشانِه، وأشهدُ أنَّ مُحمَّدًا عبدُه ورسولُه المُصطفَى، وعلى آله وصحبِه وسلَّم.

أمَّا بعدُ؛ فإنْ الدِّينَ لا يَبقَى إلَّا ببقاءِ شعائرِه وإظهارِها، وعندَ المسلمينَ مِن تَعدُّدِ الشَّعائرِ وإظهارِها ما ليس عندَ أصحابِ الدِّياناتِ الأخرى، وأعداءُ الإسلامِ من الكُفَّارِ والمنافقينَ يجتهدون في توهينِ هذه الشَّعائرِ في قلوبِ المسلمينَ؛ لأنَّه لا سبيلَ إلى صرفِهم عنْ دينِهم إلَّا بإلغاءِ شعائرِهم أو تحريفِها أو إفراغِها من معانيها الإيمانيَّةِ؛ لتكونَ تقاليدَ عُرْفيَّةً ليس لها أثرٌ عليهم، معَ ضَعْفِ حرصِهم عليها.

لو نظَرْنا في أكبرِ أُمَّةٍ ضالَّةٍ عنِ الهدى في هذا العصرِ -وهم النَّصارى- لَوَجَدْنا أنَّ أكبرَ شِعارٍ في دينِهم يَتَّفِقون عليه هو الصَّليبُ (الَّذي هو رمزٌ لاعتقادِهم أنَّ المسيحَ صُلِبَ عليه)، ومِن شعائرِهم: عيدُ الفِصْحِ، ثُمَّ يومُ الصَّلْبِ، فعيدُ القيامةِ الَّذي يَزْعُمونَ فيه: أنَّ المسيحَ قام بعدَ صَلْبِه ورُفِعَ إلى السَّماءِ، وهذه الشَّعائرُ تَمتَدُّ إلى خمسينَ يومًا، وهي مبنيَّةٌ على أساسِ أنَّ المسيحَ ابنُ اللهِ تعالى، وأنَّه مصلوبٌ؛ ليَتَحمَّلَ آلامَ وخطايا البشريَّةِ! فهي شعائرُ تُكرِّسُ الشِّركَ باللهِ؛ لأنَّ غايتَهم عبادةُ المسيحِ عيسى عبدِ اللهِ ورسولِه عليه السَّلام معَ اللهِ تعالى!

ثُمَّ لو نظَرْنا إلى أكبرِ طائفةٍ بِدْعيَّةٍ في الإسلامِ -وهي الإماميَّةُ الاثْنَا عَشَريَّةُ- فإنَّهم فعلوا معَ الحسينِ رضي اللهُ عنه ما فعَلتِ النَّصارى معَ المسيحِ عليه السَّلام، وجعلوا الحسينَ رضي اللهُ عنه هو غايةَ دينِهم، وحوَّلوا يومَ قتلِه إلى مأتمٍ نسَجوا له كمًّا كبيرًا من الشَّعائرِ البِدْعيَّةِ؛ مِن اللَّطْمِ، والبكاءِ، والنَّوْحِ، والإدماءِ، والزَّحفِ، والتَّغنِّي بالمراثي، واختراعِ القَصصِ في الحسينِ وآلِه رضي اللهُ عنهم، على غِرارِ اختراعِ النَّصارى في آلامِ المسيحِ ونهايتِه عندَهم!

ومَن نظَر إلى حالِ هاتينِ الفِئَتَيْنِ: (النَّصرانيَّةِ) و(الإماميَّةِ)؛ بانَ له لِمَ عُظِّمَتْ شعائرُ اللهِ تعالى في الإسلامِ، ولِمَ كان التَّشديدُ في النَّهيِ عن التَّشبُّهِ بالكُفَّارِ، وعن الابتداعِ في الدِّينِ؛ إذْ إنَّ التَّشبُّهَ يقودُ المسلمينَ إلى شعائرِ النَّصارى، والابتداعَ في الدِّينِ يجعلُهم كالإماميَّةِ في شعائرِها المُبتدَعةِ، وكلُّ ذلك ممنوعٌ؛ لأنَّه يُؤدِّي إلى ظهورِ الشَّعائرِ الكُفْريَّةِ والبِدْعيَّةِ، والَّذي به تَضْمَحِلُّ الشَّعائرُ الشَّرعيَّةُ الَّتي ارتَضَاها اللهُ تعالى لنا دِينًا، وجعَلها لنا شِرْعةً ومِنْهاجًا.

إنَّ من نعمةِ اللهِ على عبادِه، ورحمتِه بهم: أنْ جعَل معرفةَ السِّنينَ والشُّهورِ مُرتبِطةً بسَيْرِ القمرِ وتَنقُّلِه في مَنازِلِه؛ لأنَّه علامةٌ في السَّماءِ ظاهرةٌ وبيِّنةٌ، لا تحتاجُ إلى حسابٍ ولا كتابٍ، فمتى رُئِيَ الهلالُ مِن أوَّلِ اللَّيلِ؛ دخَل الشَّهرُ الجديدُ وخرَج الشَّهرُ السَّابقُ، وهكذا يعرفُ النَّاسُ مواقيتَ عباداتِهم، وتواريخَ أيَّامِهم؛ ]يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ[ [البقرة: 189].

لقد كان اليهودُ والنَّصارى يَعتمِدونَ سابقًا في تأريخِهم وتقويمِهم على التَّقويمِ القَمَريِّ المُتمثِّلِ في التَّأريخِ الهِجْريِّ، ثُمَّ معَ مرورِ الأيَّامِ حرَّفوا وبدَّلوا مِن تِلْقاءِ أَنفُسِهم؛ قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميَّةَ -رحمه اللهُ تعالى-: (وقد بلَغَني أنَّ الشَّرائعَ قبلَنا أيضًا إنَّما علَّقتِ الأحكامَ بالأَهِلَّةِ، وإنَّما بدَّل مَن بدَّل مِن أتباعِهم، وما جاءت به الشَّريعةُ هو أكملُ الأمورِ وأحسنُها، وأَبْيَنُها وأَصَحُّها، وأبعدُها عن الاضطرابِ) [مجموع الفتاوى 25/135].

إنَّ العملَ بالتَّأريخِ الهجريِّ دِينٌ يَتقرَّبُ به العبدُ إلى ربِّه؛ لارتباطِه بالهلالِ الَّذي تَرتبِطُ به الكثيرُ من العباداتِ، وبتَجاهُلِ التَّأريخِ الهجريِّ تَضِيعُ المعالمُ الشَّرعيَّةُ والشَّعائرُ العِبادِيَّةُ، فلا يدري المسلمُ مثلًا: ما الأَشهُرُ الحُرُمُ الَّتي أَوجَب اللهُ على المؤمنينَ احترامَها؟ ولا يعلمُ أَشْهُرَ الحجِّ ومواسمَ العبادةِ.

وهذا التَّأريخُ الهجريُّ أَجمَعَ الصَّحابةُ عليه، ولا تجتمعُ الأُمَّةُ على ضلالةٍ، ويُلاحَظُ في اجتماعِ الصَّحابةِ -رضوانُ اللهِ عليهم- أنَّهم ربَطوه بيومِ الهجرةِ العظيمةِ، وكَرِهُوا تواريخَ الأُمَمِ الأخرى، وهذا الإجماعُ منهم درسٌ في الاعتزازِ بالمبادئِ والقِيَمِ الإسلاميَّةِ.

التَّقويمُ الهجريُّ هُوِّيَّةُ أُمَّةٍ، وتاريخُ حضارةٍ امتَدَّتْ عبرَ أربعةَ عَشَرَ قرنًا من الزَّمانِ، لم نَكُنْ نُؤرِّخُ فيها إلَّا بهذا التَّأريخِ، ومِن هنا ارتبَطَتْ أمجادُنا وأيَّامُنا ومآثرُنا بهذا التَّأريخِ.

اللَّهُمَّ ثبِّتْنا على الإسلامِ، واهدِنا للسُّنَّةِ، وأَجِرْنا من البدعةِ، واجعَلْنا من أوليائِكَ الصَّادقين.

جديد المقالات

.

تصميم وتطوير كنون