۩ البحث ۩



البحث في

۩ إحصائية الزوار ۩

الاحصائيات
لهذا اليوم : 809
بالامس : 1346
لهذا الأسبوع : 7776
لهذا الشهر : 32013
لهذه السنة : 127905
منذ البدء : 3742183
تاريخ بدء الإحصائيات : 3-12-2012

۩ التواجد الآن ۩

يتصفح الموقع حالياً  46
تفاصيل المتواجدون

:: (الكَلامُ المُصطفَى) ::

المقال

:: (الكَلامُ المُصطفَى) ::

 د. ظافرُ بنُ حسنٍ آلُ جَبعانَ

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

ومنه المعونةُ والتَّسديدُ

(الكَلامُ المُصطفَى)

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ علَى رسولِه الأمينِ، وعلَى آلِه وصَحْبِه أجمعينَ.

أمَّا بعدُ؛ فسأقِفُ معَ ذِكرٍ مِن الأذكارِ، وقولٍ من الأقوالِ، وكَلِمٍ من الكلامِ, هذا الكَلِمُ هو من أحبِّ الكلامِ إلى اللهِ، وهو الكلامُ المُصطفَى، والذِّكرُ المُجتبَى.

هذا الذِّكرُ عبارةٌ عن كلماتٍ، وهذه الكلماتُ تُرطِّبُ اللِّسانَ، وتُطَمْئِنُ الجَنانَ، وتُوجِبُ رضا الرَّحمنِ، ويَستحِقُّ العبدُ بها الغُفرانَ، ويَزِيدُ اللهُ بها الأجورَ، ويرفعُ بها الدَّرجاتِ، وهي من غرسِ الجنَّاتِ.

هذه الكلماتُ جمعت بين التَّنزيهِ والتَّشريفِ، والحمدِ والثَّناءِ، والتَّعظيمِ والتَّبجيلِ، وبينَ الإخلاصِ والتَّوحيدِ.

هذه الكلماتُ على اللِّسانِ خفيفةٌ، وإلى الرَّحمنِ حبيبةٌ، وفي الميزانِ ثقيلةٌ، وهي عندَ اللهِ عظيمةٌ!

هُنَّ: (سُبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أكبرُ).

1- فهذه الكلماتُ هُنَّ الباقياتُ الصَّالحاتُ، يقولُ اللهُ تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} [الكهف:46]، فــــــ (الباقياتُ الصَّالِحاتُ) كما قال ابنُ عبَّاسٍ، وعِكرِمةُ، ومُجاهِدٌ، وابنُ المُسيِّبِ، وجماعةٌ من العلماءِ -رحمه اللهُ تعالى-: (هي قولُ: سُبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أكبرُ) ["تفسير القُرطبيّ" 10/414، و"تفسير البَغَويّ" 5/174].

2- هُنَّ كلماتٌ لا يَخِيبُ قائِلُهُنَّ، يقولُ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: «مُعقِّباتٌ لا يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ: سُبْحانَ اللَّهِ، والحَمدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكبَرُ، مِئةَ مرَّةٍ » [أخرجه أبو داودَ الطَّيالسيُّ 2/387، وعبدُ الرَّزَّاقِ في "مُصنَّفِه" 2/235، والبخاريُّ في "الأدب المُفرَد" (191) عن كعبِ بنِ عُجْرةَ رضي اللهُ عنه، وأصلُه في "صحيحِ مُسلِمٍ"، وصحَّحه الألبانيُّ في "صحيح الأدب المُفرَد" (622)].

3- هذه الكلماتُ أَحَبُّ الكلامِ إلى اللهِ تعالى، يقولُ النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: «أَحَبُّ الكَلامِ إلى اللهِ أَرْبَعٌ: سُبْحَانَ اللَّهِ، والحَمْدُ لِلَّهِ، ولا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، واللَّهُ أَكْبَرُ، لا يَضُرُّكَ بَأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ» [أخرجه مسلمٌ عن سَمُرةَ بنِ جُندُبٍ رضي اللهُ عنه]؛ فيا لَلَّهِ ما أعظمَ أن يَتقرَّبَ العبدُ إلى اللهِ بأحبِّ الكلامِ إليه!!

4- هذه الكلماتُ هُنَّ الكلامُ المُختارُ المُصطفَى، يقولُ نبيُّنا المُصطفَى -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: «إِنَّ اللهَ اصْطَفَى مِنَ الْكَلَامِ أَرْبَعًا: سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ» [أخرجه أحمدُ 13/ 387، والطَّبرانيُّ في "الدُّعاء" (ص479)، وابنُ أبي شيبةَ في "مُصنَّفِه" 6/104 عن أبي هريرةَ وأبي سعيدٍ -رضي اللهُ عنهما- بسندٍ صحيحٍ].

5- هذه الكلماتُ مِن أَحَبِّ الكلامِ إلى رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، وهي أحبُّ إليه ممَّا طَلَعتْ عليه الشَّمسُ، يقولُ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: «لَأَنْ أَقُولَ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ = أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ» [أخرجه مسلمٌ (2695) عن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه].

6- هذه الكلماتُ تقومُ مقامَ القرآنِ الكريمِ في الصَّلاةِ لِمَن لا يُحسِنُ ولا يحفظُ شيئًا منه. قال سعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ -رضي اللهُ عنه-: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي شَيْئًا يُجْزِينِي مِنَ الْقُرْآنِ؛ فَإِنِّي لَا أُحْسِنُ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: «قُلْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ»، فَعَدَّهَا الْأَعْرَابِيُّ فِي يَدِهِ خَمْسًا، ثُمَّ وَلَّى هُنَيْهَةً، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا لِرَبِّي، فَمَا لِي؟ قَالَ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: «قُلْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَعَافِنِي، وارزُقْنِي، وَاهْدِنِي»، فَعَدَّهَا الْأَعْرَابِيُّ فِي يَدِهِ خَمْسًا، ثُمَّ انْطَلَقَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: «لَقَدْ مَلَأَ الْأَعْرَابِيُّ يَدَيْهِ مِنَ الْخَيْرِ، إِنْ هُوَ وَفَّى بِمَا قَالَ» [أخرجه ابنُ أبي شيبةَ في "مُصنَّفِه" 6/100، وأحمدُ في "مُسنَدِه" 31/479، وحسَّنه الألبانيُّ في تعليقِه على "صحيحِ ابنِ حِبَّانَ" (1806)].

7- هذه الكلماتُ في الميزانِ ثقيلةٌ؛ يقولُ النَّبيُّ-صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: «بَخٍ بَخٍ، خَمْسٌ مَا أَثْقَلَهُنَّ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَالْوَلَدُ الصَّالِحُ يَمُوتُ فَيَحْتَسِبُهُ وَالِدُهُ» [أخرجه أبو داودَ الطَّيالسيُّ 2/457، وأحمدُ 26/618، وهو صحيحُ الإسنادِ].

8- هذه الكلماتُ يُكفِّرُ اللهُ بها السَّيِّئاتِ، ويمحو بها الخطيئاتِ؛ يقولُ أنسُ بنُ مالكٍ -رضي اللهُ عنه-: مرَّ نبيُّ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- بِشَجَرَةٍ يَابِسَةِ الوَرَقِ، فَضَرَبَهَا بِعَصَاهُ، فَتَنَاثَرَ الوَرَقُ، فَقَالَ: «إِنَّ "الحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللهِ، وَلا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ" لَتُسَاقِطُ مِنْ ذُنُوبِ العَبْدِ كَمَا تَسَاقَطَ وَرَقُ هَذِهِ الشَّجَرَةِ» [أخرجه أحمدُ 20/13، والبخاريُّ في "الأدب المفرد" (634)، والتِّرمذيُّ (3533)، والطَّبرانيُّ في "الدُّعاء" (1688) بسندٍ حسنٍ].

وقال -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: «مَا عَلَى الْأَرْضِ رَجُلٌ يَقُولُ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، وَسُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ"، إِلَّا كُفِّرَتْ عَنْهُ ذُنُوبُهُ، وَلَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ» [أخرجه أحمدُ 11/15، والطَّبرانيُّ في "الكبير" 13/521 عن عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو -رضي اللهُ عنهما-، والصَّحيحُ وقفُه عليه].

ويقولُ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: «مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ إِلَّا: سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ = مُحِيَتْ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ. وَمَنْ طَافَ وَتَكَلَّمَ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ = خَاضَ الرَّحْمَةَ بِرِجْلَيْهِ كَخِيَاضِ الْمَاءِ بِرِجْلَيْهِ»[أخرجه الفاكهيُّ في "أخبار مكَّة" 1/281 عن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه].

9- هذه الكلماتُ يرفعُ اللهُ به الدَّرجاتِ، ويَزِيدُ الحسناتِ؛ يقولُ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: «مَنْ قَالَ: "سُبْحَانَ اللَّهِ" كُتِبَ لَهُ عِشْرُونَ حَسَنَةً، وَحُطَّ عَنْهُ عِشْرُونَ سَيِّئَةً. وَمَنْ قَالَ: "اللَّهُ أَكْبَرُ" فَمِثْلُ ذَلِكَ، وَمَنْ قَالَ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" فَمِثْلُ ذَلِكَ، وَمَنْ قَالَ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ = كُتِبَ لَهُ بِهَا ثَلَاثُونَ حَسَنَةً، وَحُطَّ عَنْهُ ثَلَاثُونَ سَيِّئَةً»[أخرجه أحمدُ 13/ 387، والطَّبرانيُّ في "الدُّعاء" (ص479)، وابنُ أبي شيبةَ في "مُصنَّفِه" 6/104 عن أبي هريرةَ وأبي سعيدٍ -رضي اللهُ عنهما- بسندٍ صحيحٍ].

10- هذه الكلماتُ هُنَّ غَرْسُ الجنَّةِ؛ يقولُ أبو هريرةَ -رضي اللهُ عنه-: مَرَّبِي النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- وأَنَا أَغْرِسُ غَرْسًا، فَقَالَ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، مَا الَّذِي تَغْرِسُ؟» قُلْتُ: غِرَاسًا لِي. قَالَ: «أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى غِرَاسٍ خَيْرٍ لَكَ مِنْ هَذَا؟» قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «قُلْ: "سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ" = يُغْرَسْ لَكَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ»[أخرجه ابنُ ماجه(3807)، والحاكمُ في "المُستدرَكِ" 1/693، وصحَّحه الألبانيُّ في "صحيح سنن ابن ماجه"].

وجاء عن ابنِ مسعودٍ -رضي اللهُ عنه- أنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- قال: «لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ -عليه السَّلام- لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلاَمَ، وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ، عَذْبَةُ الْمَاءِ، وَأَنَّهَا قِيعَانٌ، وَأَنَّ غِرَاسَهَا: سُبْحَانَ اللهِ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ، وَلا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ» [أخرجه التِّرمذيُّ (3462)، والطَّبرانيُّ في "الكبير" 10/173، وصحَّحه الألبانيُّ في "السِّلسلة الصَّحيحة" (105)]. والقِيعانُ جمعُ قاعٍ, وهو المكانُ المُستوِي الواسعُ في وطاةٍ من الأرضِ، يعلوه ماءُ السَّماءِ فيُمسِكُه، ويَستوِي نباتُه.

والمقصودُ أنَّ الجنَّةَ ينمو غِراسُها سريعًا بهذه الكلماتِ كما ينمو غِراسُ القِيعانِ مِن الأرضِ ونبتُها.

11- هذه الكلماتُ هي حِجابٌ وسِترٌ من النَّارِ؛ قال -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- لأصحابِه: «خُذُوا جُنَّتَكُمْ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِنْ عَدُوٍّ حَضَرَ؟ قَالَ: «لَا، بَلْ مِنَ النَّارِ»، قُلْنَا: مَا جُنَّتُنَا مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، فَإِنَّهُنَّ يَأْتِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُقَدِّمَاتٍ، وَمُعَقِّبَاتٍ، وَمُجَنِّبَاتٍ، وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ» [أخرجه ابنُ أبي شيبةَ في "مُصنَّفِه" 6/92، والطَّبرانيُّ في "الدُّعاءِ" (1682) عن أبي هُريرةَ رضي اللهُ عنه، وصحَّحه الألبانيُّ في "السِّلسلةِ الصَّحيحةِ" (3264)]؛ ومعنى(مُعقِّبات): يعودُ ثوابُهنَّ إليه. و(مُجنِّبات): يكونُ ثوابُهنَّ إلى جَنْبِ صاحبِها. و(الباقِياتُ الصَّالِحاتُ): كُلُّ ما بَقِي ثوابُه لصاحبِه فهو مِن الباقياتِ الصَّالحاتِ.

12- هذه الكلماتُ أصلُها في الأرضِ، وفرعُها في السَّماءِ، وهي من الأذكارِ بعدَ السَّلامِ من الصَّلاةِ؛ قال قتادةُ: قال ناسٌ مِن فُقَراءِ المُؤْمِنِينَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَهَبَ أَصْحَابُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ، يَتَصَدَّقُونَ وَلَا نَتَصَدَّقُ، وَيُنْفِقُونَ وَلَا نُنْفِقُ؟ قَالَ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: «أَفَرَأَيْتُمْ لَوْ كَانَ مَالُ الدُّنْيَا وُضِعَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، أَكَانَ بَالِغًا السَّمَاءَ؟» قَالُوا: لَا، يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِشَيْءٍ أَصْلُهُ فِي الْأَرْضِ وَفَرْعُهُ فِي السَّمَاءِ؟ أَنْ تَقُولُوا فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ" عَشْرَ مَرَّاتٍ؛ فَإِنَّ أَصْلَهُنَّ فِي الْأَرْضِ، وَفَرْعَهُنَّ فِي السَّمَاءِ» [أخرجه عبدُ الرَّزَّاقِ في "مُصنَّفِه" (2/233)].

13- هذه الكلماتُ من أسبابِ استجابةِ الدُّعاءِ؛ جاء في "صحيح البخاريِّ" عن عُبادةَ بنِ الصَّامتِ -رضي اللهُ عنه- أنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- قال: «مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ: لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَلا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ. ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي. أَوْ دَعَا = اسْتُجِيبَ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلاَتُهُ».

14- هذه الكلماتُ مَجْمَعُ الفضائل والأجور، تقولُ أُمُّ هانئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ -رضي اللهُ عنها-: مَرَّ بِي ذَاتَ يَوْمٍ رَسُولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي قَدْ كَبِرْتُ وَضَعُفْتُ -أَوْ كَمَا قَالَتْ-؛ فَمُرْنِي بِعَمَلٍ أَعْمَلُهُ وَأَنَا جَالِسَةٌ. قَالَ: «سَبِّحِي اللهَ مِئَةَ تَسْبِيحَةٍ؛ فَإِنَّهَا تَعْدِلُ لَكِ مِئَةَ رَقَبَةٍ تُعْتِقِينَهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاحْمَدِي اللهَ مِئَةَ تَحْمِيدَةٍ؛ فإنها تَعْدِلُ لَكِ مِئَةَ فَرَسٍ مُسْرَجَةٍ مُلْجَمَةٍ، تَحْمِلِينَ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللهِ، وَكَبِّرِي اللهَ مِئَةَ تَكْبِيرَةٍ؛ فَإِنَّهَا تَعْدِلُ لَكِ مِئَةَ بَدَنَةٍ مُقَلَّدَةٍ مُتَقَبَّلَةٍ، وَهَلِّلِي اللهَ مِئَةَ تَهْلِيلَةٍ. قَالَ ابْنُ خَلَفٍ: أَحْسِبُهُ قَالَ: تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَلَا يُرْفَعُ يَوْمَئِذٍ لِأَحَدٍ مِثْلُ عَمَلِكَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِ مَا أَتَيْتِ بِهِ» [أخرجه أحمدُ 44/479، والطَّبرانيُّ في "الدُّعاء" (328)، وصحَّحه الألبانيُّ في "السِّلسلة الصَّحيحة" (1316)].

إنَّ هذا لهو محضُ فضلِ اللهِ، أَلَا فسَارِعوا إلى فضلِه، وسابِقُوا إلى رحمتِه؛ يقولُ اللهُ الرَّحيمُ الرَّحمنُ: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِن رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد:21].

إنَّ وُرُودَ نصوصٍ كثيرةٍ في هذه الكلماتِ لهو دليلٌ على فضلِهنَّ، ودِلالةٌ ظاهرةٌ على عِظَمِ شأنِهِنَّ، فهذه أربعُ كلماتٍ حازت هذه الفضائلَ العِظامَ، مِن ذِكرٍ لربِّنا الرَّحمنِ، إلى تكفيرٍ للسَّيِّئاتِ، ورفعةٍ للدَّرجاتِ، وزيادةٍ في الحسناتِ، وتثقيلٍ في الموازينِ، وسببٍ من أسبابِ استجابةِ الدُّعاءِ إلى غيرِ ذلك من فضائلِها، ممَّا يجعلُنا نُوقِنُ بأنَّ المحرومَ مَن حُرِم فضلَها، والخاسرَ مَن قَصَّر في ذكرِها.

إنَّ المُوفَّقَ مَن وفَّقه اللهُ لطاعتِه، وأعانه على ذكرِه وشُكرِه، ولا يمكنُ أن يبلغَ العبدُ هذه المنزلةَ إلَّا بمُجاهَدةِ نفسِه وشيطانِه، وتقديمِ رضا ربِّه على هوى نفسِه؛ يقولُ اللهُ -عزَّ وجلَّ-: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69].

يقولُ ابنُ مسعودٍ -رضي اللهُ عنه-: (إِنَّ اللَّهَ قَسَّمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعْطِي الْمَالَ مَنْ يُحِبُّ، وَمَنْ لَا يُحِبُّ، وَلَا يُعْطِي الْإِيمَانَ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ، فَإِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا أَعْطَاهُ الْإِيمَانَ، فَمَنْ بَخِلَ بِالْمَالِ أَنْ يُنْفِقَهُ، وَهَابَ الْعَدُوَّ أَنْ يُجَاهِدَهُ، وَتَضَبَّطَهُ اللَّيْلُ أَنْ يُسَاهِرَهُ = فَلْيَسْتَكْثِرْ مِنْ قَوْلِ: "سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ") [أخرجه ابنُ المُبارَكِ في "الزُّهدِ" (ص399)].

أَلَا فأَكثِر عبدَ اللهِ من هذه الكلماتِ، وعليك بدعاءِ اللهِ أن يُعِينَكم على ذكرِه وشُكرِه، وحُسنِ عبادتِه، وأَلِظَّ على اللهِ بهذا الدُّعاءِ وأَكثِر منه: (اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ)؛ فإنَّه دعاءٌ نبويٌّ، ووصيَّةُ مُحِبٍّ لِمُحَبٍّ، ونحنُ أَوْلَى أن نحافظَ على هذا الدُّعاءِ في كُلِّ وقتٍ وآنٍ، وذلك لِمَا نحنُ فيه من التَّقصيرِ وضعفِ العبادةِ، فلقد أَوصَى النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- مُعاذًا أن يحافظَ على هذه الكلماتِ، وأن يقولَها في دُبُرِ كُلِّ صلاةٍ، فكان معاذٌ يحافظُ عليها، ولقد كان شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميَّةَ -رحمه اللهُ تعالى- يُكثِرُ منه في سُجُودِه كما نقله عنه ابنُ القيِّمِ في "الوابل الصَّيِّب".

اللَّهُمَّ أَعِنَّا على ذكرِكَ وشُكرِكَ وحُسنِ عبادتِكَ، اللَّهُمَّ اجعَلْنا لكَ ذَكَّارِينَ، لكَ شَكَّارِينَ، لكَ مُخبِتِينَ، لكَ مُنِيبِينَ، اللَّهُمَّ آمين.

.

تصميم وتطوير كنون