۩ القائمة الرئيسية ۩
۩ فوائد علمية ۩
۩ القصص الدعوية ۩
۩ البحث ۩
۩ الاستشارات ۩
۩ إحصائية الزوار ۩
۩ التواجد الآن ۩
يتصفح الموقع حالياً 156
تفاصيل المتواجدون
:: الخطواتُ العشرُ للتَّخلُّصِ من عادةِ التَّدخينِ ::
المقال
:: الخطواتُ العشرُ للتَّخلُّصِ من عادةِ التَّدخينِ ::
د. ظافرُ بنُ حسنٍ آلُ جَبْعانَ
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
اللهمَّ اهدِني وسدِّدْني وثبِّتْني
الخطواتُ العشرُ للتَّخلُّصِ من عادةِ التَّدخينِ
الحمدُ للهِ وكفى، وصلاةً وسلامًا على النَّبيِّ المُصطفَى، وعلى آلِه وصحبِه ومَن اهتدى.
أمَّا بعدُ؛ فهذه خطواتٌ عشرٌ للتَّخلُّصِ من التَّدخينِ؛ تِلْكُم العادةُ المشينةِ، والخصلةُ القبيحةُ؛ فكم حَرَمت هذه العادةُ شابًّا من شبابِه، وزوجًا من زوجتِه وأولادِه، ومُحِبًّا للمسجدِ من مسجدِه، وحييًّا من لقاءِ أهلِه وإخوانِه، ومُخالَطةِ أقاربِه وجيرانِه!
وفي هذه المشاركةِ سأحرصُ جاهدًا على مُساعَدتِك -أخي المُدخِّنَ- بهذه الخطواتِ العشرِ التَّاليةِ:
الخطوةُ الأولى: القناعةُ التَّامَّةُ بأنَّكَ واقعٌ في ذنبٍ وبلاءٍ، يجبُ أن تسعى للتَّخلُّصِ منه، فإذا اقتنعتَ بهذا الشَّرِّ والذَّنبِ؛ ساقَكَ هذا إلى الخطوةِ التَّاليةِ.
الخطوةُ الثَّانيةُ: الرَّغبةُ الجادَّةُ، والعزيمةُ الصَّادقةُ في التَّخلُّصِ من هذا الوباءِ، فإذا اقتنعتَ بهذا الذَّنبِ والبلاءِ، ثُمَّ كانت لديك رغبةٌ جادَّةٌ، ونيَّةٌ صادقةٌ في التَّخلُّصِ منه؛ كان ذلك سبيلًا صحيحًا للنَّجاةِ، شَرِيطةَ أن تكونَ تلك الرَّغبةُ داخليَّةً. إنَّه لا يمكنُ للعبدِ أن يُغيِّرَ ما بظاهرِه حتَّى يُغيِّرَ ما بنفسِه، يقولُ اللهُ تعالى: {إِنَّ اللهَ لا يُغيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِم} [الرَّعد: 11]، فإذا وجدتَ العزيمةَ والرَّغبةَ فعليكَ بالخطوةِ التَّاليةِ.
الخطوةُ الثَّالثةُ: التَّوبةُ النَّصُوحُ للهِ؛ فإذا وُجِدت الرَّغبةُ الصَّادقةُ فأَقلِعْ بعزمةِ صادقٍ، وتوبةِ راغبٍ، واجعل نيَّتَكَ في التَّركِ للهِ وحدَه؛ فإنَّه خيرُ مُعِينٍ، وأعظمُ حافظٍ، واحذَرْ أشدَّ الحذرِ من التَّسويفِ فإنَّه الهلاكُ بعينِه!
واعلَمْ أنَّه مهما طال بك البلاءُ، وتَعلَّقت نفسُك به؛ فإنَّ توبةً صادقةً مُخلِصةً للهِ -عزَّ وجلَّ- كفيلةٌ بالخلاصِ من هذا البلاءِ، والنَّجاةِ من براثنِه وأوحالِه.
واعلَمْ أنَّك في توبتِكَ هذه مُحتاجٌ أشدَّ الحاجةِ إلى عزيمةٍ جادَّةٍ، ونفسٍ تَوَّاقةٍ قويَّةٍ تُحفِّزُك على عدمِ العودِ لهذا البلاءِ.
وَلْيَكُن لكَ في هذه الحكايةِ عِبرةٌ وأُسوةٌ، فقد حَكَوْا أنَّه كان لأحدِ الملوكِ ولدٌ قد ابتُلِي في صغرِه بعادةٍ قبيحةٍ، ونقيصةٍ مُسترذَلةٍ، أَلَا وهي: أكلُ التُّرابِ! نَعَمْ ابتُلِي ابنُ المَلِكِ بأكلِ التُّرابِ، وهو صغيرٌ، ثُمَّ شَبَّ وهذه العادةُ مُلازِمةٌ له، وحاوَل والدُه أن يعالجَه منها، فأتى له بالأطبّاءِ والحكماءِ، والخبراءِ والنُّصحاءِ، فلم ينفعْ دواؤُهم في علاجِه، ولم تَستجِبْ نفسُه لنصائحِهم!
ثُمَّ سَمِع بعضُ الحكماءِ النَّابهينَ عن هذا الأمرِ الغريبِ من ذلكم الشَّابِّ -ابنِ المَلِكِ-، فأتاه وقال له: (يا أيُّها الأميرُ، عَزْمةٌ من عَزَماتِ الرِّجالِ؛ فهِمَمُ الرِّجالِ تُزِيلُ الجبالَ). فأخذت هذه الكلمةُ منه مأخذَها وقال: صدق الحكيمُ. ثُمَّ عزم عزمةً من عزماتِ الرِّجالِ، فأقلَع عن تلك العادةِ القبيحةِ.
فيا أيُّها المُدخِّنونَ: عزمةٌ من عَزَماتِ الرِّجالِ. اعزِمْ عزيمةَ رجلٍ أن تقلعَ عن هذا الذَّنبِ وهذا البلاءِ.
فإذا تُبتَ توبةً نصوحًا، وعزمتَ عزيمةَ صادقٍ جادٍّ على التَّركِ؛ فعليكَ بالخطوةِ التَّاليةِ.
الخطوةُ الرَّابعةُ: تَعرَّفْ على مخاطرِ وأضرارِ هذا البلاءِ، واطَّلِعْ على تلك الصُّورِ المأساويَّةِ الَّتي تهتَّكت فيها الحناجرُ، واسودَّت فيها الرِّئتانِ، وتضخَّم فيها القلبُ، فإنَّ هذا ممَّا يُعِينُكَ بجِدٍّ للصِّدقِ في التَّركِ، وعدمِ العودِ للفعلِ، فإذا علمتَ أنَّه سببٌ رئيسٌ في كثيرٍ من الأمراضِ والبلايا، وعرفتَ أنَّه سبيلٌ إلى الهلاكِ؛ حملَتْك نفسُك على الثَّباتِ على التَّركِ.
وتيقَّنْ: أنَّ التَّدخينَ يُؤدِّي إلى الإصابةِ بسرطانِ الرِّئةِ والتهابِها المُزمِنِ، وتَصلُّبِ الشَّرايينِ، ويُؤدِّي إلى الإصابةِ بمرضِ السِّلِّ الرِّئويِّ، والرَّبوِ المُزمِنِ، ويُؤدِّي إلى الإصابةِ بسرطانِ الحنجرةِ، ويُؤدِّي إلى الإصابةِ بضيقِ التَّنفُّسِ، كما أنَّه يزيدُ عددَ ضرباتِ القلبِ، ويُؤدِّي إلى الإصابةِ بارتفاعِ ضغطِ الدَّمِ، ويُؤدِّي إلى الإصابةِ بسرطانِ الشَّفَةِ، واللِّسانِ، والفَمِ، والبلعومِ، والمَرِيءِ، والبنكرياسِ، ويُؤدِّي إلى الإصابةِ بقُرحةِ المعدةِ والاثنَيْ عَشَرَ، ويُؤدِّي إلى الإصابةِ بسرطانِ المَثانةِ وقُرحتِها، ويُؤدِّي إلى الإصابةِ بسرطانِ الكُلَى ... إلى غيرِها من الأمراضِ الَّتي أعرضتُ عنها خشيةَ الإطالةِ!
فكِّرْ -أخي- دائمًا في المآلاتِ والعواقبِ، فاجلِسْ معَ نفسِك ساعةً، وتأمَّلْ حالَك: ماذا بعدَ هذا الولعِ بهذه السِّيجارةِ، وهذا الواقع المُرّ؟! ما عاقبةُ التَّمادي والانهماكِ فيها؟!
لو تأمَّلتَ العواقبَ؛ لعَلِمتَ أنَّها عواقبُ وخيمةٌ: أمراضٌ وأسقامٌ، وحرمانٌ وآلامٌ، ثُمَّ -والعياذُ باللهِ- قد تكونُ خاتمةَ سُوءٍ وشقاءٍ!
فإذا تعرَّفتَ على هذه المخاطرِ، وتلك المفاسدِ؛ فعليكَ بالخطوةِ التَّاليةِ.
الخطوةُ الخامسةُ: استبدالُ الطَّيِّبِ بالخبيثِ، فإذا وفَّقكَ اللهُ لتركِ السِّيجارةِ وأخواتِها؛ فاستَعمِلِ العُودَ الطَّيِّبَ "السِّواكَ"، فعليكَ بكثرةِ السِّواكِ؛ فإنَّه مَطْهَرةٌ للفمِ مَرْضاةٌ للرَّبِّ، ومعَ استخدامِكَ له فعليكَ بالاهتمامِ بالخطوةِ التَّاليةِ.
الخطوةُ السَّادسةُ: جاهِدْ نفسَك على الثَّباتِ على التَّركِ؛ فإنَّ من أعدائِكَ نفسَك الَّتي بينَ جنبَيْكَ، فجاهِدْها على التَّركِ، ولا تتركْ لها فرصةً للعبثِ بك، فالنَّفسُ إن أَتبَعْتَها هواها فاعلمْ أنَّها مُهلِكتُكَ لا محالةَ، وتذكَّرْ دائمًا، بل لِيَكُنْ شعارُكَ قولَ الحقِّ تبارَك وتعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69].
ومِن المُجاهَدةِ: زيارةُ العياداتِ الَّتي يُكافَحُ فيها التَّدخينُ، ويُعالَجُ المُدخِّنونَ؛ فإنَّ هذا من طلبِ العلاجِ المشروعِ، وطرقِ البابِ الصَّحيحِ. ومعَ المُجاهَدةِ، لا تَنْسَ ما في الخطوةِ التَّاليةِ.
الخطوةُ السَّابعةُ: احذَرْ ثُمَّ احذَرْ مِن صُحبةِ أهلِ الغيِّ والفسادِ؛ فإنَّهم سببُ البلاءِ والشَّقاءِ، والعودةِ للتَّدخينِ، فإذا نجَّاكَ اللهُ من هذا البلاءِ فتَجنَّبْ هؤلاءِ الرُّفقاءَ، فمهما كانت عندَك من عزيمةٍ، وصدقِ توبةٍ، وعلاجٍ، فإنَّ جلسةً معَ رفقاءِ السُّوءِ ستُعيدُكَ لما كنتَ عليه وأسوأَ!!
وتأمَّلْ معي قصَّةَ هذا الشَّابِّ:
شابٌ كان خيرةَ شبابِ زمانِه، كان الأوَّلَ في دراستِه، والبارَّ بوالدتِه، شابٌّ سَوِيٌّ، لبيبٌ ذكيٌّ، فلمَّا اشتدَّ عُودُه، وبَدَتْ رجولتُه، وتَعلَّقت به أُمُّه؛ سَوَّلت له نفسُه فسلك طريقَ الغوايةِ، فتَعاطَى أوَّلَ طريقِه شُربَ الدُّخانِ، فانفتحت عليه بوَّابةُ الهلاكِ، فساء حالُه، وفَشِل في دراستِه، وأغضَب أُمَّه، وقَبْلَها أغضَبَ رَبّه!
لمَّا تعاطاه فَسَدت أخلاقُه، وضَعُفت ذاكرتُه، وساءَ طَبْعُه، وقَلَّ في النَّاسِ حياؤُه!
ثُمَّ استَمرَّ على حالِه وهو يعبُّ من الدُّخانِ عبًّا، حتى ترك دراستَه، والتحق بوظيفةٍ ليست هي أُمنيتَه في صغرِه، ولا في مستوى ذكائِه!
إنَّه عندما دخل بوَّابةَ الهلاكِ، بوَّابةَ عالمِ الأحزانِ، شُربِ الدُّخانِ الَّذي جَرَّ عليه جميعَ الشُّرورِ من المُخدِّراتِ والمُفتِّراتِ، فما زال على هذا الطَّريقِ المشينِ الَّذي اسوَدَّ فيه وجهُه بعدَ قلبِه.
وظلَّ على هذه الحالِ حتَّى التَمَّ له على صُحبةٍ هم للفسادِ قُوَّادٌ، وللرَّذيلةِ رُوَّادٌ، فسلك سبيلَهم، وتَخلَّق بأخلاقِهم، فاكتسب منهم رذيلَ الأخلاقِ، وفاحشَ القولِ، وقبيحَ الفِعالِ، وظلُّوا جميعًا في الفسادِ يَتقلَّبون، ومِن الرَّذائلِ يعبُّون، وتَنوَّعت بهم المعاصي والآثامُ، فكُلَّ يومٍ لهم قصَّةُ فسادٍ، وحكايةُ ضلالٍ!
وفي يومٍ من الأيَّامِ سَطَوْا على سيَّارةٍ فسرقوها وأخذوا يلعبون بها، وأصواتُ الأغاني صاخبةٌ، وهم في حالٍ لا يعلمُها إلَّا علَّامُ الغيوبِ، ومعَ سرعتِهم بهذه السَّيَّارةِ، وهم أربعةٌ في أعمارِ الزُّهورِ، ارتطموا بعمودِ إنارةٍ فهلكوا جميعًا، ولا حولَ ولا قُوّةَ إلَّا باللهِ!!
خاتمةٌ لا يَتمنَّاها عاقلٌ، ونهايةٌ مُخِيفةٌ مُؤسِفةٌ، وحالٌ لا يُظنُّ بها الحُسنُ، بل هي للسُّوءِ أقربُ.
وبعدَ هذه الخاتمةِ، والعاقبةِ السَّيِّئةِ، فإن أردتَ الخلاصَ من هؤلاءِ الرُّفقاءِ فعليكَ بالخطوةِ التَّاليةِ.
الخطوةُ الثَّامنةُ: عليك بصُحبةِ الصَّالحينَ، وتركِ صُحبةِ الضَّالِّينَ البطَّالِينَ؛ فإنَّ الصَّالحين لا يَغْشَوْنَ مواطنَ الشُّبهاتِ، ولا يأتون مواطنَ الرِّيَبِ، فمجالسُهم ضياءٌ وصلاحٌ، ومصاحبتُهم بِرٌّ وفلاحٌ، لا يَحُثُّون إلَّا على الخيرِ، ولا يَدْعُونَ إلَّا إلى البِرِّ.
واعلَمْ أنَّ شياطينَ الجنِّ والإنسِ لن يتركوك حتَّى يُعِيدوك ثُمَّ يُهلِكوك، فصحبةُ أهلِ الغيِّ والفسادِ من أعظمِ أسبابِ الانتكاساتِ، وضياعِ الأعمارِ، وفسادِ الخاتمةِ والعياذُ باللهِ! وأنتَ معَ هؤلاءِ الصَّالحينَ فعليكَ بالخطوةِ التَّاليةِ.
الخطوةُ التَّاسعةُ: اشغَلْ وقتَك بالمفيدِ، واحذَرِ الفراغَ؛ فإنَّ الفراغَ يدعوك لممارسةِ هذه العادةِ السَّيِّئةِ، وبعدَ هذه الخطواتِ ليكنْ أوَّلُ أمرِك وأوسطُه وآخرُه ما في الخطوةِ الأخيرةِ.
الخطوةُ الأخيرةُ: كثرةُ الدُّعاءِ واللُّجوءِ إلى اللهِ تعالى بأن يُنجِيَك ويُخلِّصَك ممَّا أنت فيه، وأن يُثبِّتَك على التَّركِ، فانطَرِحْ بينَ يدَيِ الكريمِ في طلبِ العونِ والثَّباتِ، فإنَّ مَن قصد بابَه رشد وأَفلَح ونجا وهُدِي، ومَن ضلَّ عن بابِه زاغ وانحرف.
وختامًا، أُوصِيكَ بأن تعملَ بهذه الخطواتِ، وقلِّبِ النَّظرَ فيها بينَ الفينةِ والأخرى، وتَيقَّنْ أنَّها ستساعدُكَ -بإذنِ اللهِ تعالى- للخلاصِ من هذه العادةِ.
أسألُ اللهَ بأسمائِه الحسنى وصفاته العليا أن يُعافِيَ كُلَّ مُبتلًى، اللهمَّ عافِ كُلَّ مُبتلًى، اللهمَّ عافِ كُلَّ مُبتلًى.
اللهمَّ ارزُقْنا توبةً نصوحًا قبلَ الموتِ، وشهادةً عندَ الموتِ، وجَنّةً ورضوانًا بعدَ الموتِ.