۩ البحث ۩



البحث في

۩ إحصائية الزوار ۩

الاحصائيات
لهذا اليوم : 1000
بالامس : 393
لهذا الأسبوع : 11082
لهذا الشهر : 22238
لهذه السنة : 442474

۩ التواجد الآن ۩

يتصفح الموقع حالياً  150
تفاصيل المتواجدون

:: صُوَرٌ من المُواساةِ والتَّعزيةِ بينَ الإخوانِ ::

المقال

:: صُوَرٌ من المُواساةِ والتَّعزيةِ بينَ الإخوانِ ::

 د. ظافرُ بنُ حسنٍ آلُ جَبْعانَ

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

ومنه المعونةُ والسَّدادُ

صُوَرٌ من المُواساةِ والتَّعزيةِ بينَ الإخوانِ

الحمدُ للهِ وكفى، وصلاةً وسلامًا على نبيِّه الَّذي اصطَفَى، وعلى آلِه وصحبِه أجمعينَ.

أمَّا بعدُ؛ فإنَّ هذه الأُمَّةَ المُحمَّديَّةِ أُمَّةٌ مُتماسِكةٌ ومُترابِطةٌ، وهي -كما وصفها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- كالجسدِ الواحدِ، وإنَّ ممَّا يُقوِّي أواصرَ المحبَّةِ بينَ المسلمينَ بعضِهم ببعضٍ: ما يقومون به من التَّهنئةِ بالأفراحِ، والمواساةِ في المصائبِ والأتراحِ. وقد ضرب لنا سلفُنا الكرامُ في ذلك أروعَ الأمثلةِ، ومنها في بابِ المواساةِ والتَّعزيةِ ما يلي:

1- ما جاء في «المُوطَّأِ» للإمامِ مالكٍ -رضي اللهُ عنه- عن القاسمِ بنِ مُحمَّدٍ أنَّه قال: هلَكتِ امرأةٌ لي، فأتاني مُحمَّدُ بنُ كعبٍ القُرَظيُّ يُعزِّيني بها، فقال: إنَّه كان في بني إسرائيلَ رجلٌ فقيهٌ عالمٌ عابدٌ مجتهدٌ، وكانت له امرأةٌ، وكان بها مُعجَبًا ولها مُحِبًّا، فماتت، فوَجِد عليها وَجْدًا شديدًا، ولَقِي عليها أسفًا، حتَّى خلا في بيتٍ وغلَق على نفسِه واحتَجَب من النَّاسِ، فلم يكنْ يدخلُ عليه أحدٌ. وإنَّ امرأةً سَمِعتْ به، فجاءته فقالت: إنَّ لي إليه حاجةً أَستَفتِيه فيها، ليس يُجْزِيني فيها إلَّا مُشافَهتُه. فذهب النَّاسُ، ولَزِمتْ بابَه، وقالت: ما لي منه بُدٌّ. فقال له قائلٌ: إنَّ هاهنا امرأةً أرادت أن تستفتيَك، وقالت: إنْ أردتُ إلَّا مُشافَهتَه. وقد ذهب النَّاسُ، وهي لا تُفارِقُ البابَ. فقال: ائذَنُوا لها. فدخلتْ عليه، فقالت: إنِّي جئتُك أستفتيك في أمرٍ. قال: وما هو؟ قالت: إنِّي استَعَرتُ من جارةٍ لي حُلِيًّا، فكنتُ ألبسُه وأُعِيرُه زمانًا، ثُمَّ إنَّهم أرسَلوا إليَّ فيه، أفأُؤدِّيه إليهم؟ فقال: نعم، واللهِ. فقالت: إنَّه قد مكَث عندي زمانًا؟ فقال: ذلك أحقُّ لرَدِّكِ إيَّاه إليهم حينَ أعارُوكِيه زمانًا. فقالت: أَيْ -يرحمُكَ اللهُ- أفتَأسَفُ على ما أعاركَ اللهُ، ثُمَّ أخذه منكَ، وهو أحقُّ به منكَ؟! فأبصَر ما كان فيه، ونفَعه اللهُ بقولِها([1]).

2- روى البيهقيُّ بإسنادِه في «مناقبِ الشَّافعيِّ رحمه اللهُ تعالى»:(أنَّه بلَغه أنَّ عبدَ الرَّحمنِ بنَ مهديٍّ -رحمه اللهُ تعالى- مات له ابنٌ، فجَزِع عليه عبدُ الرَّحمنِ جزعًا شديدًا، حتَّى امتنَع من الطَّعامِ والشَّرابِ! فبعَث إليه الشَّافعيُّ: يا أخي، عَزِّ نفسَك بما تُعزِّي به غيرَك، واستَقبِحْ من فعلِك ما تستقبحُه من فعلِ غيرِك، واعلَمْ أنَّ أَمَضَّ المصائبِ فَقْدُ سرورٍ معَ حرمانِ أجرٍ، فكيف إذا اجتَمَعا معَ اكتسابِ الوِزْرِ؟! فتَناوَلْ حظَّك -يا أخي- إذا قرُب منك قبلَ أن تطلبَه وقد نأى عنك! ألهَمكَ اللهُ عندَ المصائبِ صبرًا، وأحرَز لنا ولك بالصَّبرِ أجرًا.

وكتَب إليه:

إنِّي مُعَزِّيكَ، لا أنِّي على ثقةٍ ... من البقاءِ، ولكنْ سُنَّةُ الدِّينِ

فما المُعزَّى بباقٍ بعدَ مَيِّتِهِ ... ولا المُعزِّي، ولو عاشا إلى حينِ)([2])

3- وكتب رجلٌ إلى بعضِ إخوانِه يُعَزِّيه بابنِه: (أمَّا بعدُ؛ فإنَّ الولدَ على والدِه -ما عاش- حُزْنٌ وفتنةٌ، فإذا قدَّمه فصلاةٌ ورحمةٌ؛ فلا تَجزَعْ على ما فاتَكَ من حُزْنِه وفتنتِه، ولا تُضيِّعْ ما عوَّضكَ اللهُ -عزَّ وجلَّ- من صلاتِه ورحمتِه)([3]).

4- وجاء عن الحسنِ البصريِّ -رحمه اللهُ تعالى- أنَّ رجلًا جَزِع على ولدِه، وشكا ذلك إليه؛ فقال الحسنُ:(كان ابنُك يغيبُ عنك؟ قال: نعم، كانت غَيْبتُه أكثرَ من حضورِه. قال: فاترُكْه غائبًا؛ فإنَّه لم يَغِبْ عنكَ غَيْبةً الأجرُ لكَ فيها أعظمُ من هذه. فقال: يا أبا سعيدٍ، هوَّنتَ عليَّ وَجْدِي على ابنِي)([4]).

5- وقال العلَّامةُ شمسُ الدِّينِ ابنُ خَلِّكانَ -رحمه اللهُ تعالى- في سيرةِ عُرْوةَ بنِ الزُّبَيرِ بنِ العوَّامِ -رضي اللهُ عنهما:(كان أحسنَ مَن عزَّاه إبراهيمُ بنُ مُحمَّدِ بنِ طلحةَ، قال له: واللهِ ما بكَ حاجةٌ إلى المشيِ، ولا أَرَبٌ في السَّعيِ، وقد تَقدَّمَكَ عضوٌ من أعضائِك وابنٌ من أبنائِكَ إلى الجنَّةِ، والكُلُّ تَبَعٌ للبعضِ -إن شاء اللهُ تعالى، وقد أبقى اللهُ لنا منكَ ما كُنَّا إليه فقراءَ، وعنه غيرَ أغنياءَ؛ مِن علمِكَ ورأيِكَ -نفعك اللهُ وإيَّانا به- واللهُ وليُّ ثوابِكَ، والضَّمينُ بحسابِك)([5]).

6- وعزَّى الشَّاعرُ يزيدُ بنُ عمرَ الكِلابيُّ الخليفةَ عمرَ بنَ عبدِ العزيزِ -رحمه اللهُ تعالى- بوفاةِ ابنِه عبدِ الملكِ، فقال:

تَعَزَّ أميرَ المؤمنينَ؛ فإنَّهُ ... لِمَا قد تَرَى يُغْذَى الصَّغيرُ ويُولَدُ

هلِ ابنُكَ إلَّا مِن سُلالةِ آدَمٍ ... لكلٍّ على حوضِ المَنِيَّةِ مَورِدُ([6])

7- قال الأصمعيُّ: شَهِدتُ صالحًا المُرِّيَّ عزَّى رجلًا فقال: (لَئِنْ كانت مصيبتُكَ بابنِكَ لم تُحْدِثْ لكَ موعظةً في نفسِكَ؛ فهي هيِّنةٌ في جنبِ مصيبتِك بنفسِك، فإيَّاها فابكِ)([7]).

8- وكتَب زينُ الإسلامِ من طُوسَ تعزيةً في شيخِ الإسلامِ أبي عثمانَ الصَّابونيِّ رحمه اللهُ تعالى:(أليس لم يَجسُرْ مُفتَرٍ أن يكذبَ على رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- في وقتِه؟ أليستِ السُّنَّةُ كانت بمكانةٍ منصورةٍ، والبدعةُ -لفَرْطِ حشمتِه- مقهورةً؟ أليس كان داعيًا إلى اللهِ، هاديًا عبادَ اللهِ، شابًّا لا صَبْوةَ له، ثُمَّ كهلًا لا كَبْوةَ له، ثُمَّ شيخًا لا هفوةَ له؟ يا أصحابَ المحابرِ حُطُّوا رِحالَكم؛ فقد استَتَر بخِلالِ التُّرابِ مَن كان عليه إلمامُكم، ويا أربابَ المنابرِ أعظَم اللهُ أجورَكم؛ فلقد مضى سيِّدُكم وإمامُكم)([8]).

9- وقال الشَّيخُ حسنُ بنُ حسينِ ابنِ الشَّيخِ مُحمَّدِ بنِ عبدِ الوهَّابِ -على الجميعِ رحمةُ اللهِ تعالى- في تعزيتِه لبعضِ إخوانِه: (المأمولُ فيكم الصَّبرُ والاحتسابُ، والتَّعزِّي بعزاءِ اللهِ تعالى؛ فقد قال بعضُ العلماءِ: إنَّك لن تجدَ أهلَ العلمِ والإيمانِ إلَّا وهم أقلُّ النَّاسِ انزعاجًا عندَ المصائبِ، وأحسنُهم طمأنينةً وأقلُّهم قلقًا عندَ النَّوازلِ؛ وما ذاك إلَّا لما أُوتُوا ممَّا حُرِمه الجاهلونَ، قال اللهُ تعالى:{وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ _ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ _ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 155-157]؛ فهذه الكلمةُ مِن أبلغِ علاجِ المُصابِ، وأنفعِه له في العاجلةِ والآجلةِ؛ فإنَّها تَضمَنُ أصلينِ عظيمينِ، إذا تحقَّق العبدُ بمعرفتِهما تَسلَّى عن مصيبتِه:

أوَّلًا: أنَّ العبدَ وأهلَه ومالَه مِلْكٌ للهِ تعالى يَتصرَّفُ فيه؛ حيثُ جعله -تبارك وتعالى- عندَ عبدِه عاريَّةً، والمُعِيرُ مالكٌ قاهرٌ قادرٌ، وهو محفوفٌ بعَدَمَينِ: عَدَمٍ قبلَه، وعدمٍ بعدَه. ومِلْكُ العبدِ متعةٌ مُعارةٌ.

الثَّاني: أنَّ مصيرَ العبدِ ومَرجِعَه ومَرَدَّه إلى مولاه الحقِّ، الَّذي له الحكمُ والأمرُ، ولا بدَّ أن يُخلِّفَ ما خُوِّله في هذه الدَّارِ وراءَ ظهرِه، ويأتي فردًا بلا أهلٍ ولا مالٍ ولا عشيرةٍ، ولكنْ بالحسناتِ والسَّيِّئاتِ. ومَن هذا حالُه لا يفرحُ بموجودٍ، ولا يأسفُ على مفقودٍ. وإذا عَلِم المؤمنُ علمَ اليقينِ أنَّ: ما أصابه لم يكنْ ليُخطِئَه، وما أخطأه لم يكن ليُصِيبَه؛ هانت عليه المصيبةُ. وقد قيل:

ما قد قُضِي يا نفسُ فاصطَبِرِي له ... ولكِ الأمانُ مِن الَّذي لم يُقدَرِ

وتَعلَّمِـــي أنَّ المُقـدَّرَ كـائنٌ ... يجري عليكِ عَذَرتِ أم لم تُعذَرِ

ومِن صفاتِ المؤمنِ: أنَّه عندَ الزَّلازلِ وقورٌ، وفي الرَّخاءِ شكورٌ. وممَّا يُخفِّفُ المصائبَ بَرْدُ التَّأسِّي، فانظروا يمينًا وشمالًا، وأمامَ ووراءَ؛ فإنَّكم لا تجدون إلَّا مَن قد وقع به ما هو أعظمُ من مصيبتِكم أو مِثْلُها أو قريبٌ منها، ولم يَبْقَ إلَّا التَّفاوتُ في عِوَضِ الفائتِ، أعوذُ باللهِ من الخسرانِ!

ولو أمعَن البصيرُ في هذا العالمِ جميعِه؛ لم يَرَ إلَّا مُبتلًى إمَّا بفواتِ محبوبٍ، أو حصولِ مكروهٍ، وأنَّ سرورَ الدُّنيا أحلامُ ليلٍ، أو كظِلٍّ زائلٍ؛ إنْ أضحَكتْ قليلًا أبكَتْ كثيرًا، وإنْ سَرَّتْ يومًا أساءت دهرًا، جمعُها إلى انصداعٍ، ووصلُها إلى انقطاعٍ، إقبالُها خديعةٌ، وإدبارُها فجيعةٌ، لا تدومُ أحوالُها، ولا يَسلَمُ نُزَّالُها، حالُها انتقالٌ، وسكونُها زوالٌ، غرَّارةٌ خَدُوعٌ، مُعطِيةٌ مَنُوعٌ، مُلْبِسةٌ نَزُوعٌ، ويكفي في هوانِها على اللهِ: أنَّه لا يُعصَى إلَّا فيها، ولا يُنالُ ما عندَه إلَّا بتركِها!

معَ أنَّ المصائبَ -من حيثُ هي- رحمةٌ للمؤمنِ، وزيادةٌ في درجاتِه؛ كما قال بعضُ السَّلفِ: لولا مصائبُ الدُّنيا لَوَرَدْنا الآخِرةَ مفاليسَ. والرَّبُّ -سبحانه- لم يُرسِلِ البلاءَ إلى العبدِ ليُهلِكَه ولا ليُعذِّبَه، ولكنِ امتحانًا لصبرِه ورضاه عنه، واختبارًا لإيمانِه، وليراه طريحًا ببابِه، لائذًا بجنابِه، منكسرَ القلبِ بينَ يدَيْه؛ فهذا من حيثُ المصائبُ الدُّنيويَّةُ.

وأمَّا ما جرى عليكم؛ فأنتم به بالتَّهنئةِ أجدرُ من التَّعزيةِ، وَلَعَمْرُ اللهِ إنَّ مَن سَلِم له دينُه؛ فالمِحَنُ في حقِّه مِنَحٌ، والبلايا عطايا، والمكروهاتُ له محبوباتٌ.

وأمَّا المصيبةُ، والخَطْبُ الأكبرُ، والكسرُ الَّذي لا يُجبَرُ، والعِثارُ الَّتي لا تُقالُ؛ فهي المصيبةُ في الدِّينِ، كما قيل:

مِن كلِّ شيءٍ إذا ضيَّعتَه عِوَضُ ... وما مِنَ اللهِ إنْ ضيَّعتَه عِوَضُ!

وقد مضَتْ عادةُ أحكمِ الحاكمينَ لمَن أراد به خيرًا: أن يُقدِّمَ الابتلاءَ بينَ يدَيْه)([9]).

10- وقال الشَّيخُ حَمَدُ بنُ عَتِيقٍ -رحمه اللهُ تعالى- في تعزيتِه لبعضِ إخوانِه: قال اللهُ تعالى:{ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} [الأنبياء: 34]، وقال:{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: 185]، وقال النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: «إنَّ رُوحَ القُدُسِ نفَث في رُوعِي أنَّه: لنْ تموتَ نفسٌ حتَّى تستكملَ رزقَها وأجلَها، فاتَّقوا اللهَ وأَجمِلوا في الطَّلبِ».

والصَّبرُ هو مَفزَعُ المؤمنينَ، والرِّضا بالقضاءِ هو مَحَطُّ رحالِ العارفينَ؛ طمعًا فيما وعَد به ربُّ العالمينَ، قال اللهُ تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ _ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ _ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 155-157]([10]).

11- وقال الشَّيخُ إسحاقُ بنُ عبدِ الرَّحمنِ -رحمه اللهُ تعالى- يُعزِّي أخًا له في ابنِه: فمُوجِبُه:(التَّعزيةُ في الابنِ عبدِ اللهِ، اللَّهُمَّ أَحسِنْ عزاهم فيه، وأَعظِمْ لهم الأجورَ، وأَلهِمْهم التَّسليمَ للمقدورِ، نقولُ جميعًا كما قال الصَّابرون: «إنَّا للهِ وإنَّا إليه راجعونَ»، فاللهَ اللهَ أُوصِيكَ أخي أن تَتدرَّعَ بالرِّضا، وتُسلِّمَ للقضاءِ؛ فالمُصابُ مَن حُرِم الثَّوابَ، واذكُرْ آيةً في كتابِ اللهِ تشرحُ للمؤمنِ صدرَه، وتجلبُ له صبرَه، وتُهوِّنُ خَطْبَه، وتُذكِّرُه ربَّه؛ قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ _ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ _ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 155-157]، وقال:{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10].

وفي «الصَّحيحِ» عن صُهَيبٍ مرفوعًا: «عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ! إنَّ أمرَه كلَّه له خيرٌ، وليس ذلك لأحدٍ إلَّا للمؤمنِ: إنْ أصابَتْه سرَّاءُ شكَر فكان خيرًا له، وإنْ أصابَتْه ضرَّاءُ صبَر فكان خيرًا له».

وكان أيُّوبُ -عليه السَّلام- كُلَّما أصابته مصيبةٌ يقولُ: «اللَّهُمَّ أنت أخَذتَ وأنت أبقَيتَ، مهما تُبْقِ نفسي أَحمَدْكَ على بلائِكَ».

وفي الحديثِ: «إنَّ كلَّ مصيبةٍ آخِرُها الصَّبرُ، ولكنَّه إنَّما يُحمَدُ عندَ حدوثِها؛ لأنَّ مصيرَ ذي الجزعِ إلى السُّلْوانِ».

وروى البخاريُّ عن أبي هريرةَ مرفوعًا: «مَن يُرِدِ اللهُ به خيرًا يُصِبْ منه».

وعنه مرفوعًا: «ما يزالُ البلاءُ بالمؤمنِ والمؤمنةِ في نفسِه وولدِه ومالِه، حتَّى يلقى اللهَ وما عليه خطيئةٌ».

وأخرج النَّسائيُّ عن أبي سلمى قال: سمعتُ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يقولُ: «بَخٍ بَخٍ لخَمْسٍ، ما أثقَلهُنَّ في الميزانِ: لا إلهُ إلَّا اللهُ، وسبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، واللهُ أكبرُ، والولدُ الصَّالحُ يُتوفَّى للمؤمنِ فيَحتَسِبُه».

إلى غيرِ ذلك ممَّا فيه تسليةٌ للمؤمنِ، وفَّقَنا اللهُ وإيَّاكم لما يحبُّ ويرضى)([11]).

هذا ما يسَّر الله جمعَه من هذه الصُّورِ المُشرقَة، أسألُ اللهَ الهدايةَ والتَّوفيقَ للجميعِ لِمَا فيه صلاحُ الأديانِ والأعمالِ.



([1]) أخرجه الإمامُ مالكٌ في كتابِ الجنائزِ، باب: جامع الحِسْبة في المصيبة ص228.

([2]) انظر: «مناقب الشَّافعيِّ» للبيهقيِّ 2/90.

([3]) «كتاب الأذكار» للإمامِ النَّوويِّ، باب التَّعزية ص262 ط دار المنهاج بجُدَّة.

([4]) «كتاب الأذكار» للنووي ص263.

([5]) «وَفَيات الأعيان» لابن خَلِّكانَ 3/256 ت إحسان عبَّاس.

([6]) «التَّعازي والمراثي» 47 ت الديباجي، و «الكامل» 3/1378 ت الدالي، كلاهما لأبي العباس محمد بن يزيد المُبرِّد.

([7]) «سير أعلام النُّبلاء» 8/48.

([8]) انظر: «طبقات الشَّافعيَّة الكبرى» لابن السُّبكيِّ 4/282.

([9]) «الدُّرَر السَّنِيَّة في الأجوبة النَّجديَّة»، جمع الشَّيخ عبد الرحمن بن قاسم العُصَيميِّ 5/163-166.

([10]) «الدُّرَر السَّنِيَّة في الأجوبة النَّجدية» 5/166.

([11]) «الدُّرَر السَّنِيَّة في الأجوبة النَّجديَّة» 5/166-168.


الكرامُ , به , في , وقد , الأُمَّةَ , ممَّا , وإنَّ , كما , وسلَّم , بالأفراحِ، , التَّهنئةِ , ببعضٍ , الواحدِ، , من , المُحمَّديَّةِ , بينَ , الأمثلةِ , سلفُنا , أواصرَ , إنَّ , عليه , بعضِهم , المصائبِ , أروعَ , والأتراحِ , اللهُ , المسلمينَ , صلَّى , مُتماسِكةٌ , يُقوِّي , لنا , النَّبيُّ , أُمَّةٌ , المحبَّةِ , وصفها , يقومون , ومُترابِطةٌ، , هذه , والمواساةِ , ما , ذلك , كالجسدِ , وهي , ضرب

جديد المقالات

تصميم وتطوير كنون