۩ القائمة الرئيسية ۩
۩ فوائد علمية ۩
۩ القصص الدعوية ۩
۩ البحث ۩
۩ الاستشارات ۩
۩ إحصائية الزوار ۩
۩ التواجد الآن ۩
يتصفح الموقع حالياً 102
تفاصيل المتواجدون
إلى كم قسم ينقسم الماء؟
المسألة
إلى كم قسم ينقسم الماء؟
د. ظافر بن حسن آل جَبْعَان
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى كم قسم ينقسم الماء؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فهذه المسألة من المسائل المهمة في باب المياه، وفي هذا البحث سؤلقي الضوء عليها، فأقول مستعيناً بالله تعالى:
اختلف الفقهاء - رحمهم الله تعالى - في تقسيم المياه على قولين:
القول الأول: أن الماء ثلاثة أقسام: طهور، وطاهر، ونجس، وذهب إلى هذا القول الجمهور.
واستدلوا لهذا القول بأدلة منها:
1- قوله الله تعالى:{ فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً}[المائدة:6].
وجه الاستدلال: أن لفظة:{ مَاء } وردت في الآية الكريمة عامة لم تخصص بشيء، والماء العام إما أن يكون مأذوناً في استعماله أو لا، فالثاني النجس والأول إما أن يكون مطهراً لغيره أو لا فالمطهر لغيره الطهور وغير المطهر لغيره الطاهر.
2- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال: يا رسول الله! إنا نركب البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من ماء البحر؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -:« هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» أخرجه مالك(1819) أحمد(12/171)، وأبو داود(83)، والترمذي(691)، والنسائي(59)، وابن ماجه(386)، وصححه ابن خزيمة(1/59) والترمذي(1/125).
وجه الاستدلال: أن الصحابة - رضي الله عنهم- يعلمون أن ماء البحر ليس بنجس فإذاً هو طاهر عندهم بلا شك، ولكن هذا الصحابي لا يعلم هل هو طهور أم لا؟ لذلك سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فدلّ ذلك على أنه قد استقر في ذهن الصحابة أن هناك ماء طاهراً، وليس بطهور.
3- استدلّوا بأحاديث النهي عن الاغتسال في الماء الراكد، وبالنهي عن غمس اليد في الإناء قبل غسلها إذا استيقظ من نوم ليل.
وجه الاستدلال: مع أن هذه المياه ليست بنجسة فقد ورد النهي عن الاغتسال فيها كالاغتسال في الماء الراكد، فكونه يوجد ماء ليس بنجس ولا يمكن التطهر منه، فإن جاز فهو الماء الطاهر، لأن الماء الطاهر ليس بنجس، ولا يمكن التطهر به.
4- دليل النظر، قالوا: الماء إما أن يجوز الوضوء به أو لا، فإن جاز فهو الطهور، وإن لم يجز فلا يخلوا إما أن يجوز شربه أو لا، فإن جاز فهو الطاهر وإلا فهو النجس.
القول الثاني: أن الماء ينقسم إلى قسمين: طهور، ونجس، وذهب إلى هذا القول جمع من أهل العلم وهو رواية عن الإمام أحمد وهي التي نص عليها في أكثر أجوبته، وذكره ابن تيمية مذهباً لأبي حنيفة، ومال إليه ابن قداة، وابن تيميه، والشوكاني، ومن المتأخربن ابن باز، وابن عثيمين رحمهم الله أجمعين.
واستدلوا لهذا القول بأدلة منها:
1- قوله الله تعالى:{ فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً } [المائدة:6].
وجه الاستدلال من الآية: أن لفظة:{ مَاء } في الآية الكريمة نكرة في سياق النفي فتعم كل ماء، سواءً عاماً أو خاصاً، مستعملاً أو غير مستعمل؛ وخرج الماء النجس بالإجماع وبقي ما عداه على أنه طهور.
2- عن أبي سعيد خدري - رضي الله عنه - قال: انتهيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يتوضأ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ، فقلت: يا رسول الله توضأت منها وهي يُلقى فيها ما يُلقى من النتن؟ فقال r:« الْمَاءُ طَهُورٌ لاَ يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ » أخرجه أحمد(17/359)، وأبو داود(66)، والترمذي(66)، والنسائي(326)، وهو صحيح.
وجه الاستدلال: أن هذا الحديث أثبت قسم من الماء وهو الماء الطهور وثبت الماء النجس بالإجماع فهذان قسمان من الماء أحدهما ثبت بحديث أبي سعيد - رضي الله عنه -، والآخر ثبت بالإجماع، وبقي الماء الطاهر لا دليل عليه فيكون الماء على قسمين: طهور، ونجس، ولا ثالث لهما.
3- عن أبن عباس - رضي الله عنهما - قال بينما رجلٌ واقف بعرفة إذ وقع عن راحلته فَوَقَصَتْهُ - أو قال فَأَوْقَصَتْهُ -، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:« اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلاَ تُحَنِّطُوهُ وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا » متفق عليه.
4- عن أم عطية الأنصارية - رضي الله عنها - قالت: دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث توفيت ابنته فقال:«اغْسِلْنَهَا ثَلاَثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مَنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي »؛ فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ فَأَعْطَانَا حِقْوَهُ فَقَالَ:« أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ » متفق عليه.
وجه الاستدلال من الحديثين:( أن الماء إذا أضيف إلى السدر لا بد أن يتغير، وإذا كان هذا المتغير بشيء طاهر يُطهر الميت فطهارة الحي والميت سواء فما طهر الميت طهر الحي ) مجموع الفتاوى(21/26) بتصرف يسير.
5- عن أم هانئ - رضي الله عنها – قالت: اغتسل النبي - صلى الله عليه وسلم - وميمونة من إناء واحد قصعة فيها أثر عجين. أخرجه النسائي(240)، وابن ماجه(378) وغيرهما، وهو صحيح.
وجه الاستدلال:( أن هذا الماء لا بد أن يتغير من العجين لا سيما آخر الأمر إذا قل الماء، وانحل العجين، ولم يمنع هذا من اغتسال النبي - صلى الله عليه وسلم - منه، فدل هذا على أن الماء إذا تغير بشيء طاهر يبقى طهوراً، ولا يتحول إلىى طاهر غير مطهر). مجموع الفتاوى(21/26-27) بتصرف.
فيكون الراجح - والله تعالى أعلم -: القول الثاني القائل بأن الماء ينقسم إلى قسمين.
مناقشة أدلة القول الأول:
1- أما الاستدلال بالآية فقد علمت الجواب عنه فيما سبق، وأن لفظة:{ مَاء } في الآية الكريمة نكرة في سياق النفي فتعم كل ماء إلا ما دلَّ الإجماع على خروجه، وهو الماء النجس.
2- وأما الجواب عن السؤال عن طهورية البحر وأنه كان مستقراً في ذهن الصحابة أن هناك ماء طاهراً وليس بطهور فغير مسلَّم به. يجاب عنه من ثلاثة وجوه:
أ - لا نسلم أن الإشكال الذي كان عند الرجل من الصحابة يؤخذ منه هذا العموم، إذ كيف يؤخذ منه فرد واحدٍ من الصحابة سأل عن طهورية ماء البحر بأنه قد استقر في ذهن الصحابة عموم رأي الصحابة بأن هناك ماء ليس بطهور وليس بنجس، وهو الطاهر ولو قيل: أنه قد استقر في ذهن هذا الصحابي فقط لكان فيه نزاع فكيف بهذا التعميم، والصحابة منهم الفقهاء، ومنهم مَنْ لا يُعرف بالفقه ( وشرف الصحبة شيء والفقه شيء آخر ).
ولنفرض أنه قد قام في ذهن الصحابي هذا الأمر، فمن أين للقائل بذلك أنه قام في أذهان جميع الصحابة أنهم شكوا في الماء .
ب - يحتمل أن يكون الصحابي سأل عن التطهر بماء البحر، لأن بعض الصحابة كان يكره التطهر منه كابن عمر وكعبد الله بن عمرو، فلذلك سأل عن هذا، ولم يكن على الكراهة عندهما أنه طاهر.
ج - أنتم جعلتم الشك الذي قام عند الصحابي دليلاً على وجود الطاهر، ونحن نرى أن حُكم النبي - صلى الله عليه وسلم - على البحر بأنه طهور دليل على أنه لا يُضر تغير الماء بشيء طاهر، فإن ماء البحر متغير بالملح ومع هذا فهو طهور، والاستدلال بحكم النبي - صلى الله عليه وسلم - أولى من الاستدلال بشك فرد واحد من الصحابة إن سُلم لكم بأنه قد شك.
د- الحديث يدل على عدم وجود قسم ثالث يسمى بالماء الطاهر، لأنه إذا كان ماء البحر مع تغير طعمه وريحه التغير الشديد، فغيره مما تغير أولى بالطهورية منه .
ه- أجمع العلماء على أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، فلو كان هناك قسم ثالث لبينه النبي - صلى الله عليه وسلم - بيانا شافيا، لشدة الحاجة إليه وعموم البلوى به.
3 - أما الجواب عن الاغتسال بالماء الراكد، والنهي عن غمس اليد في الإناء قبل غسلها ثلاثاً إذا استيقظ من النوم فإن المذهب يقول بكراهة استعمالها ولا يقول بعدم الوضوء بها واستعمالها والطهور عندكم هو الطاهر في نفسه غير المُطهر لغيره، فهذه المياه لو تطهر بها المتوضأ لصح وضوءه وصحت بعد ذلك صلاته.
وكتب
د. ظَافِرُ بن حسن آل جَبْعَان
www.aljebaan.com
روابط ذات صلة
المسألة السابق
| المسائل المتشابهة | المسألة التالي
|
جديد المسائل
تصميم وتطوير كنون