۩ البحث ۩



البحث في

۩ إحصائية الزوار ۩

الاحصائيات
لهذا اليوم : 692
بالامس : 840
لهذا الأسبوع : 4159
لهذا الشهر : 26173
لهذه السنة : 94779
منذ البدء : 3709019
تاريخ بدء الإحصائيات : 3-12-2012

۩ التواجد الآن ۩

يتصفح الموقع حالياً  54
تفاصيل المتواجدون

:: معنَى كَوْنِ رُؤْيا المُؤمِنِ الصَّالِحِ جُزءًا مِن النُّبوةِ ::

المسألة

:: معنَى كَوْنِ رُؤْيا المُؤمِنِ الصَّالِحِ جُزءًا مِن النُّبوةِ ::

 د. ظافرُ بنُ حسنٍ آلُ جَبعانَ

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

معنَى كَوْنِ رُؤْيا المُؤمِنِ الصَّالِحِ جُزءًا مِن النُّبوةِ

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ علَى رسولِه الأمينِ، وعلَى آلِه وصَحْبِه أجمعينَ.

أمَّا بعدُ؛ فللعُلَماءِ -رَحِمَهم اللهُ- في بيانِ معنِى كَونِ رُؤْيا المُؤمنِ الصَّالِحِ جُزءًا مِن أَجْزاءِ النُّبوةِ تَوْجيهانِ:

الأوَّلُ: أنَّ المُرادَ تَشْبيهُ الرُّؤْيا بالنُّبوةِ:

حيثُ إنَّ النُّبوَّةَ تأتِي بأُمورٍ غَيْبيَّةٍ، فيها أَنْباءٌ عنِ المُغَيَّبَاتِ والأُمورِ المُسْتَقبليةِ، فكذلكَ الرُّؤيا، فشابَهَتْهَا مِن هذَا الوجهِ، لا أنَّها جُزءٌ مِن النُّبوةِ، قالَ الخَطَّابِيُّ -رَحِمَه اللهُ تعالَى-: (قالَ بعضُ العُلماءِ: إنَّ الرُّؤْيا تَجِيءُ مُوافِقةَ النُّبوَّةِ، لا أنَّها جُزءٌ باقٍ مِن النُّبوَّةِ)[1].

وقالَ البَغَوِيُّ -رَحِمَه اللهُ تعالَى-: (وقِيلَ: أرادَ بهِ أنَّه كالنُّبوَّةِ في الحُكْمِ والصِّحَّةِ)[2].

وقالَ ابنُ العَرَبيِّ -رَحِمَه اللهُ تعالَى-: (القَدْرُ الذِي أرادَهُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ يُبيِّنَ أنَّ الرُّؤْيا جُزءٌ مِن النُّبوَّةِ في الجُملةِ لنا؛ لأنَّه اطِّلاعٌ على الغَيبِ، وذلكَ قولُهُ: لم يَبْقَ بَعْدِي مِن النُّبوَّةِ إلَّا المُبَشِّرَاتُ)[3].

وقالَ ابنُ عبدِ البَرِّ -رَحِمَه اللهُ تعالَى-: (وقد يَحْتَمِلُ أنْ تكونَ الرُّؤْيا جُزءًا مِن النُّبوَّةِ؛ لأنَّ فيها ما يُعْجِزُ كالطَّيَرانِ، وقَلْبِ الأَعْيانِ، ولَهَا تأويلُ الحسنِ، ورُبَّما أَغْنَى بعضُها عن التَّأويلِ)[4].

وقالَ ابنُ بَطَّالٍ -رَحِمَه اللهُ تعالَى-: (كَوْنُ الرُّؤْيا جُزْءًا مِن أجزاءِ النُّبوَّةِ مِمَّا يُسْتَعْظَمُ، فيُمكِنُ أنْ يُقالَ: إنَّ لفظَ النُّبوَّةِ مَأْخوذٌ مِن الإِنْباءِ، وهو الإِعْلامُ لُغَةً، فالمعنَى أنَّ الرُّؤْيا خَبَرٌ صادِقٌ مِن اللهِ لا كَذِبَ فيهِ، كمَا أنَّ معنَى النُّبوَّةِ نَبَأٌ صادِقٌ مِن اللهِ لا يَجُوزُ عليهِ الكَذِبُ، فشابَهَتِ الرُّؤْيا النُّبوَّةَ في صِدقِ الخَبَرِ)[5].

وقالَ السَّفارِينِيُّ -رَحِمَه اللهُ تعالَى- في معنَى هذِه الأَحَاديثِ: (ومعنَى ذلكَ أنَّ الرُّؤْيا الصَّالحةَ تَجِيءُ في الصِّحَّةِ والبَيَانِ، مُوافِقَةَ النُّبوَّةِ؛ لأنَّ النُّبوَّةَ انقَطَعَت بموتِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)[6].

وقالَ الحافِظُ ابنُ حَجَرٍ -رَحِمَه اللهُ تعالَى-: (قالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: لَمَّا كانَتِ النُّبوَّةُ تتضَمَّنُ اطِّلَاعًا علَى أُمورٍ يَظهَرُ تَحْقيقُها فيمَا بعدُ، وَقَعَ تشبيهُ رُؤْيا المُؤمِنِ بهَا)[7].

وقالَ أبو زُرْعَةَ العِراقِيُّ -رَحِمَه اللهُ تعالَى-: (لا يُتَخَيَّلْ مِن هذَا الحديثِ أنَّ رُؤْيا الصَّالِحِ جُزءٌ مِن أَجْزاءِ النُّبوَّةِ، فإنَّ الرُّؤْيا إنَّما هي مِن أَجْزاءِ النُّبوَّةِ في حَقِّ الأَنْبياءِ عليهِمُ السَّلامُ، وليسَتْ في حَقِّ غيرِهِم مِن أَجْزاءِ النُّبوَّةِ، ولا يُمكِنُ أنْ يَحصُلَ لغيرِ الأَنْبياءِ جُزءٌ مِن النُّبوَّةِ، وإنَّما المعنَى أنَّ الرُّؤْيا الواقِعَةَ للصَّالِحِ تُشبِهُ الرُّؤْيا الواقِعَةَ للأَنْبياءِ، والتِي هي في حَقِّهم جُزءٌ مِن أَجْزاءِ النُّبوَّةِ، فأَطْلَقَ أنَّها مِن أَجْزاءِ النُّبوَّةِ على طريقِ التَّشْبيهِ)[8].

التَّوجيهُ الثَّاني: أنَّها جُزءٌ مِن أَجْزاءِ عِلْمِ النُّبوَّةِ.

فعِلمُ النُّبوَّةِ باقٍ، وأمَّا النُّبوَّةُ فغيرُ باقيةٍ، فقَدِ انقَطَعَتْ بموتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.

وذَكَرَ هذَا القولَ الإمامانِ الخَطَّابِيُّ والبَغَوِيُّ -رَحِمَهما اللهُ- عن بعضِ العُلَماءِ[9]، وقالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيْمِيَّةَ -رَحِمَه اللهُ تعالَى- في أَثْناءِ مُناقشتِهِ للفَلاسِفَةِ الذينَ يَرَوْنَ أنَّ النُّبوَّةَ مُكْتَسَبةٌ، وتَحْصُلُ عِندَهم لآحادِ النَّاسِ: (والذِي يُقِرُّونَ بهِ مِن النُّبوَّةِ يحصُلُ ما هو أعلَى مِنه لآحادِ النَّاسِ الذينَ فيهِم فضيلةٌ عِلْميةٌ وعَمَليةٌ، لكِنَّ أهلَ العِلمِ والإيمانِ بالرُّسُلِ يَعلَمُونَ أنَّ نِسْبتَهُم إلى الأَنْبياءِ مِن جِنسِ نِسبةِ أهلِ الرُّؤْيا الصَّادقةِ إلى الأَنْبياءِ، فإنَّ الرُّؤْيا الصَّادقةَ جُزءٌ مِن ستةٍ وأربعينَ جُزءًا مِن النُّبوَّةِ، كمَا ثَبَتَ ذلكَ في الصِّحاحِ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكمَا في السُّنةِ عنه أنَّه قالَ: «الهَدْيُ الصَّالِحُ، والسَّمْتُ الصَّالِحُ، والاقتِصَادُ، جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وعِشْرِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ».

وقد ثَبَتَ عنه في الصَّحِيحَينِ أنَّه قالَ: «الإِيمَانُ بِضْعٌ وسَبْعُونَ، أو بِضْعٌ وسِتُّونَ شُعْبَةً، أَعْلَاهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ. وأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، والحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ».

فلا رَيْبَ أنَّ الشَّيْءَ يكونُ جُزءًا مِن النُّبوَّةِ أو الإيمانِ، ويكونُ مِن أصغَرِ الشُّعَبِ والأَجْزاءِ، كإِمَاطَةِ الأَذَى في الإيمانِ، أو كالرُّؤْيا في النُّبوَّةِ؛ ولهذَا قالَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ بَعْدِي إِلَّا المُبَشِّرَاتُ، وهِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الرُّجُلُ أَوْ تُرَى لَهُ». ولهذَا كانَ هذَا الجُزءُ أوَّلَ ما بُدِئَ بهِ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَدْريجًا له، كمَا في الصَّحيحِ عن عائشةَ قالَتْ: (أوَّلُ ما بُدِئَ بهِ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن الوحيِ الرُّؤْيا الصَّالحةُ في النَّومِ، وكانَ لا يَرَى رُؤْيا إلَّا جاءَتْ مِثلَ فَلَقِ الصُّبحِ، ثمَّ حُبِّبَ إليهِ الخَلَاءُ، فكانَ يَخْلُو بغارِ حِرَاءٍ، فيَتَحَنَّثُ فيهِ -وهو التَّعَبُّدُ- اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ العددِ).

وإذا كانَ بعضُ أَجْزاءِ النُّبوَّةِ يَحصُلُ لآحادِ المُؤمِنينَ وليسَ هو نبِيًّا، تَبَيَّنَ أنَّ ما يذكُرُه هؤلاءِ مِن الحقِّ هو جُزءٌ مِن أَجْزاءِ النُّبوَّةِ، وما يذكُرونَهُ مِن الباطِلِ هو مَرْدودٌ علَيْهِم)[10].

وقالَ الحافِظُ ابنُ حَجَرٍ -رَحِمَه اللهُ تعالَى-: (والرُّؤْيا الصَّالحةُ، وإنْ كانَتْ جُزءًا مِن النُّبوَّةِ, فهي باعتبارِ صِدقِها لا غيرُ، وإلَّا لَسَاغَ لِصَاحبِهَا أنْ يُسَمَّى نبيًّا، وليسَ كذلكَ)[11].

وفي جوابٍ للشَّيخِ مُحمَّدِ بنِ صالحٍ العُثَيْمِينِ -رَحِمَه اللهُ- عِندَما سُئِلَ عن معنَى قولِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «رُؤْيَا المُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ». أجابَ بقولِهِ: (رُؤْيا المُؤمِنِ تَقَعُ صادِقةً؛ لِأنَّها أَمْثالٌ يَضْرِبُها المَلَكُ للرَّائِي، وقَد تَكونُ خَبَرًا عن شَيءٍ واقِعٍ، أو شَيءٍ سيَقَعُ، فَيَقَعُ مُطابِقًا لِلُّرْؤيا، فَتَكُونُ هذِه الرُّؤْيا كوَحْيِ النُّبُوَّةِ في صِدقِ مَدْلولِها، وإنْ كانَتْ تَختَلِفُ عنها؛ ولهذَا كانَتْ جُزءًا مِن سِتَّةٍ وأَربعينَ جُزءًا مِن النُّبُوَّةِ، وتَخْصيصُ الجُزءِ بِسِتَّةٍ وأربعينَ جُزءًا مِن الأُمورِ التَّوْقِيفِيَّةِ التِي لا تُعْلَمُ حِكْمَتُها، كَأَعْدادِ الرَّكَعَاتِ والصَّلَواتِ)[12].



[1] «معالِمُ السُّننِ» (4/139).

[2]«شرحُ السُّنةِ» (12/204).

[3]«عارِضَةُ الأَحْوَذِيِّ» (9/126).

[4]«التَّمهيدُ» (1/285).

[5]«أَوْجَزُ المَسَالِكِ» (15/73).

[6]«شرحُ ثُلاثِيَّاتِ المُسنَدِ» (3/137).

[7]«فتحُ البارِي» (12/367).

[8]«طَرْحُ التَّثْريبِ» (8/214).

[9]«معالِمُ السُّننِ» (4/139)، و«شرحُ السُّنةِ» (12/204).

[10]«الصدفيَّةُ» (1/234-236).

[11]«فتحُ البارِي» (12/20).

[12]«مَجموعُ فَتَاوَى ورسائِلِ الشَّيخِ محمدِ بنِ صالحٍ العُثَيْمينِ» (1/327-328).

روابط ذات صلة

المسألة السابق
المسائل المتشابهة المسألة التالي

.

تصميم وتطوير كنون