۩ البحث ۩



البحث في

۩ إحصائية الزوار ۩

الاحصائيات
لهذا اليوم : 395
بالامس : 393
لهذا الأسبوع : 10477
لهذا الشهر : 21633
لهذه السنة : 441869

۩ التواجد الآن ۩

يتصفح الموقع حالياً  41
تفاصيل المتواجدون

:: أعرابـيُّ زَمْزَمَ ::

المقال

:: أعرابـيُّ زَمْزَمَ ::

 د. ظافرُ بنُ حسنٍ آلُ جَبْعانَ

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

ومنه المعونةُ والتَّسديدُ

أعرابـيُّ زَمْزَمَ

الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشُّكرُ له على توفيقِه وامتنانِه، وأشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ تعظيمًا لشانِه، وأشهدُ أنَّ مُحمَّدًا عبدُه ورسولُه المُصطفَى من بينِ إخوانِه.

أمَّا بعدُ؛ فمِمَّا يُحكَى ويُضرَبُ به المَثَلُ: أنَّ رجلًا أتى الحُجَّاجَ وهم يطوفون بالكعبةِ، ويَغرِفون الماءَ من بئرِ زمزمَ، فقام وحسَر عن ثوبِه، ثُمَّ بال في البئرِ والنَّاسُ ينظرون!! فما كان منهم إلَّا أن انهالوا عليه بالضَّربِ الشَّديدِ، حتَّى كاد يَهلِكُ لولا أن خلَّصه الحرسُ، ثُمَّ ذهبوا به إلى الوالي، فقال له: قبَّحكَ اللهُ! لِمَ فعلتَ هذا؟! فقال الرَّجلُ:(حتَّى يعرفَني النَّاسُ، يقولون: هذا فلانٌ الَّذي بال في بئرِ زمزمَ)!!

سبحانَ اللهِ العظيمِ!! هذه الفعلةُ الشَّنيعةُ، والجُرْءَةُ العجيبةُ من هذا الشَّخصِ، ما حمله عليها إلَّا داءٌ عُضالٌ، وفتنةٌ عمياءُ، دخَلتِ القلبَ فأفسَدَتْه، والعقلَ فشَوَّشَتْه!

لقد دفَعتْ هذه الشَّهوةُ الخفيةُ ذلك الشَّخصَ على أن اجترَأَ على حرمِ اللهِ تعالى وبينَ ضيوفِه؛ ليُفسِدَ في الحرمِ، وما كان هذا الإفسادُ إلَّا لأنَّ القلبَ قد اعتَلَّ وفسَد بسببِ الحرصِ الشَّديدِ على بلوغِ الشُّهرةِ المذمُومَة، والدُّخولِ إلى بوَّابةِ الذِّكرِ، ولو كان بأحطِّ الأوصافِ وأنْتَنِها! حتَّى يقولَ النَّاسُ: (فلانٌ الَّذي بال في بئرِ زمزمَ)!!

وما أكثَر البوَّالينَ في ماءِ الطُّهرِ والعفافِ في هذا الزَّمنِ! وما أكثَر ناشري زُبالاتِ البذاءةِ في أجواءِ النَّاسِ! وما أكثَر المُتجرِّئينَ على الحُمْقِ والسَّفَهِ، وقِلَّةِ المروءةِ والغَيْرةِ؛ لأجلِ الشُّهرةِ، وحبِّ الظُّهورِ قاصمِ الظُّهورِ!

إنَّ هذا الدَّاءَ أحدُ أمراضِ النُّفوسِ العليلةِ، والقلوبِ المريضةِ، حمَل عليه قلَّةُ الدِّينِ، وضعفُ اليقينِ، والحرصُ على الدُّنيا وملذَّاتِها، والعاجلةِ وشهواتِها؛ فقدَّموها على الآجلةِ، وجعلوها خيرًا منها وأبقى، معَ أنَّ اللهَ -جلَّ جلاله- يقولُ:{وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى: ١٧].

لقد كَثُر في زمانِنا طالبو الشُّهرةِ، والمنغمسون في حُبِّها وحبِّ الذِّكرِ، ولو كان على حسابِ الدِّينِ والأخلاقِ، والأمانةِ والصِّدقِ، والرُّجولةِ والمروءةِ!

يَبِيعونَ أخلاقًا ودِينًا وعِزَّةً ... بشُهرةِ كذَّابٍ، وتسميعِ قاصرِ!

بل إنَّكَ لَتَعجَبُ من هذا السُّعارِ المُلتهِبِ الَّذي يحملُ كثيرًا منهم على أن ينسلخَ من كلِّ أخلاقيَّاتِه لأجلِ أن يعرفَه النَّاسُ، ويفوزَ بقائمةِ أكثرِ النَّاسِ مُتابَعةً!

أهلُ الشُّهرةِ والمشاهيرُ أهلُ جنونٍ وحُمْقٍ، وطيشٍ وسَفَهٍ، وهم موجودونَ في كلِّ زمانٍ ومكانٍ، حتَّى إنَّ العلَّامةَ ابنَ الجوزيِّ -رحمه اللهُ تعالى- ألَّف كتابَه الشَّهيرَ: "أخبارَ الحمقى والمُغفَّلِينَ"؛ ليُسطِّرَ فيه أخبارَهم، ويَنقُلَ للأُمَّةِ صفاتِهم. وإنَّنا -في زمانِنا هذا- نحتاجُ لكتابٍ مِثْلِه، بل لدواوينَ مِئِينَ لتسطيرِ حَلْقاتِ الحَمْقَى والمُغفَّلينَ، وناشري السَّفاهةِ المُجاهِرينَ!

هل بلَغ بأبناءِ أُمَّتِنا الحالُ حتَّى أصبحوا ينشرون حماقاتِهم على الشَّاشاتِ الواقعيَّةِ، والبثِّ المباشرِ، بلا خجلٍ ولا مروءةٍ، ولا دِينٍ ولا تقوَى؟!

هل بلَغ بأبنائِنا، بل وبناتِنا أن يَجْعَلْنَ لَهُنَّ حساباتٍ على وسائلِ التَّواصلِ، يَنْشُرْنَ منها نشرًا مباشرًا، ويَنقُلْنَ مواقفَهُنَّ اليوميَّةَ -ولو سَفُلتْ- على العالَمِ كلِّه؟!

إنَّه سباقُ الشُّهرةِ المحمومُ، من الكِبارِ والصِّغارِ، والرِّجالِ والنِّساءِ: تصويرٌ للحفلاتِ والموائدِ، ورقصٌ وتَمايُلٌ، وحُداءٌ وغِناءٌ، وجنونٌ وبلاءٌ! بل بلَغ ببعضِهم الحالُ إلى التَّسويقِ للرَّذيلةِ والفاحشةِ، والسُّمومِ والمُخدِّراتِ، في جُرأةٍ لم يشهدِ التَّاريخُ لها مَثِيلًا!

كما نجدُ بعضَهم يُسارِعُ لتشويهِ سُمْعتِه، وسُمْعةِ أُمِّه وأبيه، وأهلِه وذَوِيهِ، وفصيلتِه الَّتي تُؤْويه، في مقطعٍ مُصوَّرٍ؛ ليَشتَهِرَ به، ولو كان يحملُ أرتالًا من البذاءةِ والسَّفاهةِ، والطَّيشِ والسَّخافةِ!

إنَّ ارتفاعَ مؤشرِ الشُّهرةِ في هذا الزَّمنِ، بقدرِ ما يحملُه أحدُهم من السَّفاهةِ والحماقةِ، والسُّخْفِ والبذاءةِ، وبيعِ الكلامِ الرَّخيصِ، فإذا فعَل هذا تَصدَّر رؤوسَ المواقعِ، وقوائمَ المُشاهَداتِ المليونيَّةِ!

أطفالٌ صغارٌ، وحمقى كبارٌ، ونساءٌ مُنسلِخاتٌ من جلبابِ الحياءِ وثوبِ العِفَّةِ، يسارعون في عَرْضِ زُبالاتِهم، ويتنافسون في نشرِ سخافاتِهم؛ والنَّاسُ يعيشون زمانَهم في مُتابَعةِ ومشاهدةِ هؤلاءِ السَّاقِطينَ، وإنَّا للهِ وإنَّا إليه راجعونَ!!

أَبَلَغَ بنا الحالُ إلى أن يُصبِحَ الوقتُ عندَنا رخيصًا لهذا الحدِّ، حتَّى نقضيَه في متابعةِ حماقاتِهم، ونعيشَه معَ يوميَّاتِهم وتفاهاتِهم؟!

ما هذه الظَّواهرُ الَّتي تُقرِّحُ الأكبادَ، وتَفُتُّ الصُّمَّ الصِّلابَ؟! ملايينُ من البشرِ يُتابِعونَ أطفالًا لسخافتِهم، وكبارًا لحماقتِهم، في مشاهدَ مُخجِلةٍ، ومواقفَ مُخزِيةٍ؛ فهي بحقٍّ فتنةٌ للتَّابعِ والمتبوعِ!

- بل حمَل حُبُّ الشُّهرةِ وتكثيرِ المتابعينَ والمشاهدينَ إلى خلقِ ما يُسمَّى: بـ"المقالب"؛ ليَضحَكوا ويُضحِكوا، بل بلَغ ببعضِهم أن يستخدمَ لتمريرِ سَفَهِه ومقالبِه أن يُؤذِيَ والدَيْه: بخبرٍ كاذبٍ، أو اتِّصالٍ مُفْجِعٍ، أو حركةِ عُقُوقٍ مُلبَّسٍ بثوبِ الـمُزاحِ الهابطِ ليشتهرَ به!!

إنَّ هذا المُنكَرُ جرَّأ بعضَهم إلى أن يُؤذِيَ عبادَ اللهِ، ويَتسلَّطَ على الضُّعفاءِ والفقراءِ، والعُمَّالِ والبُسَطاءِ، فيُجرِيَ عليهم جنونَه، ويُؤذِيَهم بسَفَهِه، بل بلَغ ببعضِهم أن يُؤذِيَ الحيواناتِ بأنواعِ الأذى؛ كلُّ ذلك رغبةً في الشُّهرةِ والظُّهورِ، وتكثيرِ الأتباعِ والمشاهداتِ، وجمعِ المالِ والرِّيالاتِ؛ فقبَّحَهم اللهُ على ما يصنعون، وعامَلَهم بما يَستحِقُّونَ!

أَلَا يفقهون ويعلمون أنَّ هذه الأفعالَ ضربٌ من ضروبِ الإيذاءِ المُحرَّمِ، الَّذي حرَّمه اللهُ ورسولُه؛ {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}[الأحزاب: 85]، أين هم من قولِ اللهِ -جلَّ جلاله-:{فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}؟ وأين هم من قولِ النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-:«لا يَحِلُّ لمسلمٍ أن يُروِّعَ مُسلِمًا» [أخرجه أحمدُ 5/362، وأبو داودَ (5006) عن عبدِالرَّحمنِ بنِ أبي ليلى رضي اللهُ عنه]؟

فلا يجوزُ ترويعُ المسلمِ بحالٍ، ولو بما صورتُه صورةُ المِزَاحِ؛ فترويعُ الآمِنِينَ، والضَّحِكُ عليهم = ممَّا نَهَتْ عنه الشَّريعةُ الغَرَّاءُ، وحذَّرتْ منه، وتَوعَّدتْ أصحابَه بالويلِ والثُّبورِ.

فكلُّ مُزَاحٍ يُؤدِّي إلى إيذاءٍ بدنيٍّ أو نفسيٍّ، أو أكلٍ للمالِ عن طريقِه = فهو حرامٌ وسُحْتٌ.

إنَّ تَعلُّقَ النَّاسِ بأصحابِ الشُّهرةِ الخادعةِ، يعني سقوطَ النَّماذجِ الحقيقيَّةِ، ليظهرَ مكانَها شخصياتٌ كاذبةٌ، وسرابٌ مُضلِّلٌ! فليس كلُّ مشهورٍ ناجحًا أو ناجيًا عندَ اللهِ تعالى، وليس كلُّ مغمورٍ فاشلًا أو مُتأخِّرًا.

- إنَّ الشُّهرةَ الحقيقيَّةَ هي الشُّهرةُ في السَّماءِ، عندَما يعرفُك أهلُ السَّماءِ، ولا يَضِيرُك جهلُ أهلِ الأرضِ بك؛ يقولُ مُدْرِكُ بنُ عوفٍ الأَحْمَسيُّ: بينَما أنا عندَ عمرَ، إذْ أتاه رسولُ النُّعمانِ بنِ مُقرِّنٍ [وذلك في واقعةِ نَهاوَنْدَ]، فسأله عمرُ عن النَّاسِ، فذكَر مَن أُصِيبَ من المسلمينَ، وقال: قُتِل فلانٌ، وقُتِل فلانٌ، وقُتِل فلانٌ، وآخرونَ لا نعرفُهم. فقال عمرُ: (لَكِنَّ اللهَ يعرفُهم) ["المُصنَّف" لابنِ أبي شيبةَ (34368)، وسندُه صحيحٌ قاله الحافظُ في "الإصابة" 8/238 ط هجر]. نعم، (لكنَّ اللهَ يعرفُهم)، هذه هي الشُّهرةُ الحقيقيَّةُ والمنزلةُ السَّنِيَّةُ!

إنَّ الشُّهرةَ في السَّماءِ تحتاجُ رجالًا لا يُسابِقونَ إلى مواطنِ العلوِّ في الأرضِ، {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: 83].

- لقد حذَّرتْ الشَّريعةُ من وُلُوجِ بابِ الشُّهرةِ لذاتِ الشُّهرةِ؛ فالبحثُ عنها خَلَلٌ في عقيدةِ التَّوحيدِ، وانقلابٌ في مفاهيمِ الغايةِ البشريَّةِ في الوجودِ، ونَكْسةٌ في ترتيبِ الاهتماماتِ؛ فهو الصُّورةُ التَّطبيقيَّةُ للرِّياءِ المُحْبِطِ للأعمالِ في ميزانِ الشَّريعةِ!

لقد تَوعَّد النَّبيُّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- طالِبَها بالخزيِ والذُّلِّ؛ فقال -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: «مَن لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرةٍ؛ أَلْبَسَهُ اللهُ ثوبَ مَذَلَّةٍ يومَ القيامةِ» [أخرجه أحمدُ 2/92، وأبو دوادَ (4031)، وابنُ ماجه (3606) عن ابنِ عمرَ رضي اللهُ عنهما]، والمرادُ بقولِه -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: «ثَوْبَ شُهْرةٍ»؛ أي لِباسَ الشُّهرةِ المادِّيَّ المصنوعَ من القُماشِ، ولباسَ الشُّهرةِ المعنويَّ الَّذي يلبسُه مُبتَغُو الشُّهرةِ، والطَّامعونَ فيها.

فما جوابُ الوالِغينَ في دَرَكِ الشُّهرةِ المُزيَّفةِ عن هذا النَّصِّ النَّبويِّ المُخِيفِ؟!

لقد كان سلفُنا الصَّالحُ -رضي اللهُ عنهم- يكرهون الشُّهرةَ ويُبغِضونها، ويَفِرُّونَ منها، ولا يأتونَ بابَها لا من قريبٍ ولا بعيدٍ:

فهذا بُرَيدةُ بنُ الحُصَيبِ -رضي اللهُ عنه- يقولُ: (شَهِدتُ خَيْبَرَ، وكنتُ فيمَن صَعِدَ الثُّلْمةَ، فقاتَلتُ حتَّى رُئِيَ مكاني، وعليَّ ثوبٌ أحمرُ، فما أَعلَمُ أنِّي رَكِبتُ في الإسلامِ ذَنْبًا أعظمَ عليَّ منه) [أي: الشُّهْرةَ][سِيَر أعلام النُّبَلاء" 2/470 للإمامِ الذَّهبيِّ]؛ فلِلَّهِ دَرُّه على مُحاسَبتهِ لنفسِه!

وهذا بِشْرُ بنُ الحارثِ -رحمه اللهُ تعالى- يقولُ :(لا يجدُ حلاوةَ الآخرةِ رجلٌ يُحبُّ أن يَعرفَهُ النَّاسُ) ["إحياءُ علوم الدين" 3/276].

وقالَ إبراهيمُ بنُ أدهمَ -رحمه اللهُ تعالى-:(ما صدَق اللهَ عبدٌ أَحَبَّ الشُّهرةَ) ["المُنتظَم" 3/61]، وصدَق -وَايْمِ اللهِ- فلا يجتمعُ الصِّدقُ وحُبُّ الشُّهرةِ وثناءِ النَّاسِ في قلبِ عبدٍ مؤمنٍ.

إنَّ الشُّهرةَ ذاتَها لا تُمدَحُ ولا تُذَمُّ من حيثُ الأصلُ، ولكنَّها تكونُ ممدوحةً أو مذمومةً تبعًا لقصدِ صاحبِها، والمقامُ هنا يَتحدَّثُ عن أُناسٍ طلبوها لمَقصَدِ التَّفاخرِ والتَّباهي، ونَيْلِ العَرَضِ الدُّنيويِّ منها.

إنَّ المُوجِعَ المُحزِنَ أنَّ هؤلاءِ المُتسلِّقةَ على سِوَارِ العقولِ إذا عَظُمتْ شهرتُهم، وكَثُر أتباعُهم ومُشاهِدِيهم؛ سيَرَوْنَ أنفسَهم رموزًا للأُمَّةِ، ومُصلِحينَ مُجدِّدينَ لها، فيرتقون مُرتقَى المُصلِحِ المُوجِّهِ، وهم لا يعرفون من الإصلاحِ إلَّا اسمَه، ومن التَّوجيهِ إلَّا رَسْمَه!

كيف تَتَّبِعُ الأُمَّةُ مِثلَ هؤلاءِ، وتجعلُهم رموزًا وعظماءَ، يَصدُرُ منهم الواردونَ، وقد تَحمَّلوا من تخليطِهم وعبثِهم، وهم لا يَملِكون الأهليَّةَ في توجيهِ وتعليمِ أنفسِهم، فضلًا عن توجيهِ وتعليمِ النَّاسِ؟! وصدَق مَن قال: (فاقدُ الشَّيءِ لا يُعطِيه)!

إنَّ زمانًا يُعظَّمُ فيه مِثلُ هؤلاءِ = لَزَمانُ سوءٍ وانحطاطٍ، وذُلٍّ ومهانةٍ! إنَّه زمانُ الغُثائيَّةِ والمظهريَّةِ الجوفاءِ!

أهؤلاءِ الجيلُ هم الجيلُ الَّذي تنتظرُه الأُمَّةُ الإسلاميَّةُ؟!

والسُّؤال: هل الأُمَّةُ في نقصٍ من هذه الغُثائيَّةِ؟! حروبٌ طاحنةٌ يقودُها أعداءُ اللهِ والمِلَّةِ على المسلمينَ في كُلِّ مكانٍ، وأجيالُ الأُمَّةِ في سباقٍ حَثِيثٍ معَ الشُّهرةِ والظُّهورِ، وتضييعِ الأوقاتِ والأعمارِ والدُّهورِ، واللهُ المستعانُ!

إنَّنا لن نخرجَ من هذا النَّفقِ المُظلِمِ إلَّا بصدقِ الرُّجوعِ إلى اللهِ تعالى، وأداءِ ما افترضه علينا، مُجلَّلًا بتعظيمِ كتابِه، واتِّباعِ سُنَّةِ رسولِه، والمَهْدِيِّينَ من العلماءِ والمُصلِحينَ، بهذا نأخذُ بزمامِ الحقِّ، وطريقِ الصَّوابِ والصِّدقِ؛ {الَّذِينَ إِن مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحجّ: 41].

والحمدُ لله ربِّ العالمين.

أمراضِ , والعاجلةِ , فقدَّموها , والقلوبِ , عليه , وأبقى , حمَل , وجعلوها , على , العليلةِ، , خيرًا , وملذَّاتِها، , الدِّينِ، , إنَّ , والحرصُ , المريضةِ، , منها , هذا , الآجلةِ، , الدَّاءَ , وضعفُ , الدُّنيا , وشهواتِها؛ , أحدُ , قلَّةُ , اليقينِ، , النُّفوسِ

جديد المقالات

تصميم وتطوير كنون