۩ القائمة الرئيسية ۩
۩ فوائد علمية ۩
۩ القصص الدعوية ۩
۩ البحث ۩
۩ الاستشارات ۩
۩ إحصائية الزوار ۩
۩ التواجد الآن ۩
يتصفح الموقع حالياً 35
تفاصيل المتواجدون
:: هديُ النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- عندَ هُبوبِ الرِّيحِ ::
المسألة
:: هديُ النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- عندَ هُبوبِ الرِّيحِ ::
د. ظَافِرُ بْنُ حَسَنٍ آلُ جَبْعَان
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
اللَّهُمَّ اهدِني وسدِّدْني وثبِّتْني
هديُ النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- عندَ هُبوبِ الرِّيحِ
الحمدُ للهِ الَّذي يخلقُ ما يشاءُ ويختارُ، ويَصطفِي مَن شاء بكُلِّ حِكمةٍ واقتدارٍ، أشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا هو الكبيرُ المُتعالِ، الواحدُ القهَّارُ، العزيزُ الجبَّارُ، وأُصلِّي على النَّبيِّ المُختارِ، سيِّدِ ولدِ عدنانَ، والمُصطفَى مِن بينِ الأنامِ، المُبلِّغِ عن ربِّه دينَ الإسلامِ؛ فصَلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وأصحابِه ومَن تَبِعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّينِ.
أمَّا بعدُ؛ فلقد كان للنَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- هديٌ في التَّعاملِ معَ الرِّيحِ، ومنه:
أوَّلًا: أنَّه -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- نهى عن سَبِّ الرِّيحِ، فقال عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: «الرِّيحُ مِن رَوْحِ اللهِ، تَأتِي بِالرَّحْمةِ، وتَأْتِي بِالعَذابِ؛ فلا تَسُبُّوها، وسَلُوا اللهَ خَيْرَها، واسْتَعِيذُوا مِن شَرِّها» [أخرجه أحمدُ 13/69، وأبو داودَ (5097)، وابنُ ماجه (3859) عن أبي هريرةَ -رضي اللهُ عنه- بإسنادٍ حسنٍ]، فقولُه -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: «الرِّيحُ مِن رَوْحِ اللهِ» أي: مِن رحمةِ اللهِ بعبادِه.
وقال -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: «لا تَسُبُّوا الرِّيحَ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مَا تَكْرَهُونَ فَقُولُوا: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ هَذِهِ الرِّيحِ، وَخَيْرِ مَا فِيهَا، وَخَيْرِ مَا أُمِرَتْ بِهِ؛ وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هَذِهِ الرِّيحِ، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُمِرَتْ بِهِ» [أخرجه أحمدُ 35/75، والتِّرمذيُّ (2252) عن أُبَيِّ بنِ كعبٍ رضي اللهُ عنه، وقال عنه التِّرمذيُّ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وفي البابِ عن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه].
وعليهِ فسَابُّها لا يخلو من أحدِ حالينِ:
الأُولى: إنْ سَبَّها على أنَّها فاعلةٌ بذاتِها؛ أي أنَّها هي القائمةُ بالفعلِ بذاتِها بدونِ تأثيرٍ من اللهِ = فهذا شِركٌ أكبرُ.
والثَّانية: إنْ سَبَّها وهو يعتقدُ أنَّها مخلوقةٌ مأمورةٌ = فهذا من المُحرَّماتِ المُنقِصةِ لكمالِ توحيدِ العبدِ.
قال الإمامُ الشَّافعيُّ -رحمه اللهُ تعالى-:(ولا ينبغي لأحدٍ أن يَسُبَّ الرِّياحَ؛ فإنَّها خَلْقٌ للهِ تعالى مُطِيعٌ، وجُندٌ من أجنادِه يجعلُها رحمةً ونِقمةً إذا شاء) [«الأُمّ» 12/55].
ثانيًا: ومِن هديِه -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- أنَّه إذا هاجَتِ الرِّيحُ؛ سأل اللهَ خيرَها، واستعاذَ مِن شَرِّها. تقولُ أُمُّ المُؤمِنينَ عائشةُ -رضي اللهُ عنها-: كان النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- إذا عَصَفتِ الرِّيحُ قالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا، وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ؛ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ». قالتْ: وإذا تَخيَّلتِ السَّماءُ؛ تَغيَّرَ لَونُه، وخَرَجَ ودَخَلَ، وأَقْبَلَ وأَدْبَرَ، فإِذَا مَطَرَتْ سُرِّيَ عَنْهُ، فَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ. قالتْ عائشةُ: فسَأَلْتُه، فقالَ: «لَعَلَّهُ يا عَائِشةُ كَمَا قَالَ قَوْمُ عَادٍ: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا}» [أخرجه مسلمٌ].
وقال الشَّافعيُّ في «مُسنَدِه»: (أَخبَرَني مَن لا أَتَّهِمُ، وذكر إسنادَه إلى ابنِ عبَّاسٍ -رضي اللهُ عنهما- قال: (ما هَبَّتْ رِيحٌ إلَّا جَثَا النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- على رُكبَتَيْهِ، وقال: «اللَّهُمَّ اجْعَلْها رَحْمةً، ولا تَجْعَلْها عَذابًا، اللَّهُمَّ اجْعَلْها رِيَاحًا، ولا تَجْعَلْها رِيحًا») [«مُسنَدُ الشَّافعيِّ» (ص81)، والطَّبرانيُّ في «الدُّعاءِ» 1/303].
ثالثًا: كان مِن هديِه -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- إذا اشتَدَّتِ الرِّيحُ أن يقولَ: اللَّهُمَّ لِقَحًا لا عَقِيمًا. فعن سَلَمةَ بنِ الأَكْوَعِ -رضي اللهُ عنه- قال: كان رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- إذا اشتَدَّتِ الرِّيحُ يقولُ: «اللَّهُمَّ لِقَحًا لا عَقِيمًا» [أخرجه الحاكمُ في «المُستدرَكِ» 4/318، وابنُ السُّنِّيِّ في «عملِ اليومِ واللَّيلةِ» (299) بإسنادٍ صحيحٍ]، ومعنى: «لِقَحًا» أي: (حاملٌ للماءِ كاللِّقْحةِ مِن الإبلِ، والعَقِيمُ الَّتي لا ماءَ فيها كالعَقِيمِ من الحيوانِ لا وَلَدَ فيها) [«فيض القدير» 5/101].
رابعًا: ممَّا رُويَ عنهُ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- إذا هاجَتْ رِيحٌ عظيمةٌ أنَّه يُكثِرَ مِن التَّكبيرِ؛ فعن أنسِ بنِ مالكٍ -رضي اللهُ عنه-، عن رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- قال: «إذا وَقَعتْ كَبِيرةٌ، أو هاجَتْ رِيحٌ مُظْلِمةٌ؛ فعَلَيكُم بِالتَّكْبيرِ؛ فإِنَّهُ يَجلِي العَجَاجَ الأَسْوَدَ» [أخرجه أبو يَعْلَى في «مُسنَدِه» 3/450، وابنُ السُّنِّيِّ في «عملِ اليومِ واللَّيلةِ» (284)، وقال الهيثميُّ في «مَجمَعِ الزَّوائدِ» 10/138: رواه أبو يَعْلَى، وفيه عَنْبَسةُ بنُ عبدِ الرَّحمنِ وهو متروكٌ]؛ وعليهِ فما دامَ الحديثُ لا يصحُّ، فلا يُشرَعُ التَّكبيرُ، وإِنَّما ذكرنَاهُ هُنا لبيانِ وُرودهِ وَضعفِهِ.
تنبيهٌ:
إنَّ ممَّا ينبغي الحذرُ منه: نِسبةَ هذه الظَّواهرِ إلى الطَّبيعةِ، كما يُسمِّيها بعضُهم: (غَضَبَ الطَّبيعةِ)! وكما يزعمُ آخَرُونَ: (إنَّ هذه ظواهرُ طبيعيَّةٌ لها أسبابٌ معروفةٌ، لا عَلاقةَ لها بأفعالِ النَّاسِ ومعاصيهم)! كما يجري ذلك على بعضِ الألسنةِ، حتَّى صار النَّاسُ لا يخافون عندَ حدوثِها، ولا يَعتبِرون بها!
قال العلَّامةُ ابنُ عُثَيمين -رحمه اللهُ تعالى-: (ونحنُ لا نُنكِرُ أن يكونَ لها أسبابٌ حِسِّيَّةٌ، ولكنْ مَن الَّذي أَوجَد هذه الأسبابَ الحِسِّيَّةَ؟ إنَّ الأسبابَ الحِسِّيَّةَ لا تكونُ إلَّا بأمرِ اللهِ عزَّ وجلَّ، واللهُ بحِكمتِه جعل لكُلِّ شيءٍ سببًا؛ إمَّا سببًا شرعيًّا، وإمَّا سببًا حِسِّيًّا، هكذا جرت سُنَّةُ اللهِ عزَّ وجلَّ).
نسألُ اللهَ -عزَّ وجلَّ- أن يجعلَني وإيَّاكم مِن الَّذين إذا وُعِظُوا اتَّعَظُوا، وإذا ابتُلُوا صَبَرُوا، وإذا أَذنَبُوا استَغفَرُوا؛ إنَّه سميعٌ مُجِيبٌ، والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ.
روابط ذات صلة
المسألة السابق
| المسائل المتشابهة | المسألة التالي
|
جديد المسائل
تصميم وتطوير كنون