۩ القائمة الرئيسية ۩
۩ فوائد علمية ۩
۩ القصص الدعوية ۩
۩ البحث ۩
۩ الاستشارات ۩
۩ إحصائية الزوار ۩
۩ التواجد الآن ۩
يتصفح الموقع حالياً 86
تفاصيل المتواجدون
:: حكمُ جعلِ الآياتِ القرآنيَّةِ والأذانِ نغماتٍ للهاتفِ النَّقَّالِ ::
المسألة
:: حكمُ جعلِ الآياتِ القرآنيَّةِ والأذانِ نغماتٍ للهاتفِ النَّقَّالِ ::
د. ظافرُ بنُ حسنٍ آلُ جَبْعانَ
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
ومنه المعونةُ والسَّدادُ
حكمُ جعلِ الآياتِ القرآنيَّةِ والأذانِ نغماتٍ للهاتفِ النَّقَّالِ
الحمدُ للهِ ربِّ
العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِه الأمينِ.
أمَّا بعدُ؛ فالَّذي يظهرُ في هذه المسألةِ -واللهُ تعالى أعلمُ- أنَّ هذا الفعلَ
لا يجوزُ؛ لأمورٍ، منها:
1- جاءت الشَّريعةُ بالأمرِ
بتعظيمِ شعائرِ اللهِ تعالى، وهذا من القواعدِ المقرَّرةِ شرعًا، قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ
يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]، ويقولُ تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ
يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ
رَبِّهِ}
[الحج:
30].
قال الإمامُ القرطبيُّ -رحمه
اللهُ تعالى- في «تفسيرِه» 12/56: (الشَّعائرُ جمعُ شَعِيرةٍ، وهو كُلُّ شيءٍ للهِ
تعالى فيه أمرٌ أشعَر به وأعلَم ... فشعائرُ اللهِ أعلامُ دينِه؛ لا سِيَّما ما يَتعلَّقُ
بالمناسكِ ...).
وقال الإمامُ الشَّوكانيُّ
-رحمه اللهُ تعالى- في «فتحِ القديرِ» 3/646: (فشعائرُ اللهِ أعلامُ دينِه).
ولا يَشُكُّ أحدٌ أنَّ
القرآنَ الكريمَ والأذانَ من أعظمِ شعائرِ هذا الدِّينِ وأعلامِه الَّتي يجبُ أن تُصانَ
من أن تكونَ نغمةَ هاتفٍ؛ سواءٌ كان للتَّذكيرِ، أو للإشعارِ والتَّنبيهِ.
2- إنَّ اللهَ -عزَّ وجلَّ-
أنزل القرآنَ الكريمَ ليَتَعبَّدَ النَّاسَ به، ويَتَّخِذوه في عباداتِهم، لا ليُجعَلَ نغماتٍ للهاتفِ، أو يُعلَّقَ
على الحيطانِ للزِّينةِ ونحوِ ذلك!
3- يظهرُ أنَّ في جعلِ
الآياتِ القرآنيَّةِ والأذانِ نغماتٍ امتهانًا لهما؛ لأنَّ صاحبَ الهاتفِ النَّقَّالِ
لا يَتحكَّمُ في زمنِ ومكانِ تلقِّي اتِّصالاتِه، ورنَّاتِ هاتفِه؛ فقد يَتلقَّى
رنَّةَ هاتفِه وهو في المرحاضِ! وهذا أمرٌ يَترفَّعُ كلامُ اللهِ وشعائرُ دينِه
عنه.
بل الأدهى والأَمَرُّ
إذا كان الهاتفُ في جيبِ الإنسانِ وهو قاعدٌ عليه، أو في جيبِ سراويلِه الخلفيَّةِ؛
فمِن أين يأتي صوتُ الأذانِ والقرآنِ؟!!
4- مِن القواعدِ المتقرِّرةِ
عندَ أهلِ العلمِ: أنَّ كلامَ اللهِ -عزَّ وجلَّ- مُقدَّسٌ ومُحترَمٌ، وينبغي التَّأدُّبُ عندَ
سماعِه، كما قال تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ
تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204]، قال العِزُّ بنُ عبدِ
السَّلامِ -رحمه اللهُ تعالى- في «فتاويه» ص485-486: (الاستماعُ للقرآنِ والتَّفهُّمُ
لمعانيه من الآدابِ المشروعةِ المحثوثِ عليها).
وقال جلالُ الدِّينِ السُّيوطيُّ
-رحمه اللهُ تعالى- في «الإتقانِ» 1/145: (يُسَنُّ الاستماعُ لقراءةِ القرآنِ،
وتركُ اللَّغَطِ والحديثِ بحضورِ القراءةِ؛ قال تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ
الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}).
فأيُّ تأدُّبٍ معَ القرآنِ
حينَ يُجعَلُ تنبيهًا للهاتفِ؟!
وأمَّا الأذانُ؛ فمِن أحكامِه
وآدابِه التَّرديدُ وحُسنُ الاستماعِ؛ فعن أبي سعيدٍ الخدريِّ -رضي اللهُ عنه- أنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم- قال: «إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ؛ فَقُولُوا مِثْلَ ما يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ» [أخرجه البخاريُّ (611)،
ومسلمٌ (874)].
وعن عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو
-رضي اللهُ عنهما- أنَّه سَمِعَ النَّبِيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يَقُولُ: «إِذَا سَمِعْتُمُ
الْمُؤَذِّنَ؛ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ؛ فَإِنَّهُ
مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً؛ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ
لِيَ الْوَسِيلَةَ؛ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لا تَنْبَغِي إِلَّا
لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ
لِيَ الْوَسِيلَةَ؛ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ» [أخرجه مسلمٌ (875)، وأصلُه في «البخاريِّ»].
وأيُّ مُتابَعةٍ وترديدٍ
وتأدُّبٍ معَه هنا؟!
5- إنَّ من الأسبابِ الَّتي
تمنعُ جعلَ مِثلِ هذه النَّغماتِ جائزةً: أنَّ الإنسانَ عندَما يَدُقُّ عليه هاتفُه؛ يبادرُ بالرَّدِّ على
المكالمةِ الواردةِ، فيقطعُ حينَئذٍ الآيةَ أو الأذانَ، فلم يتركِ الآيةَ والأذانَ
يكتملُ، فيُخشَى أن يكونَ قدَّم كلامَ النَّاسِ على كلامِ ربِّ النَّاسِ سبحانه
وتعالى!
6- من القواعدِ المقرَّرةِ: أنَّ
الأذانَ مُوقَّتٌ بوقتٍ، ولا يجوزُ تقديمُه على وقتِه، ولا تأخيرُه عن وقتِه إلَّا بعذرٍ
شرعيٍّ؛ فعن مالكِ بنِ الحُوَيرِثِ -رضي اللهُ عنه- أنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللهُ
عليه وسلَّم- قال: «إِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ؛ فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا، ثُمَّ
لِيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا» [أخرجه البخاريُّ (658)، ومسلمٌ (1570)]؛ فكيف يُجعَلُ في
الهاتفِ يُؤذِّنُ كلَّ حينٍ وآنٍ؟!
7- ألفاظُ الأذانِ ألفاظٌ
شرعيَّةٌ، جعلها اللهُ في أماكنَ
مخصوصةٍ؛ فكيف تُجعَلُ نغماتٍ للهاتفِ؟!
8- أنَّ الشَّريعةَ جعلتْ لكُلِّ
شيءٍ ما يُناسِبُه، ولكلِّ وقتٍ عبادتَه؛ فكيف تُجعَلُ العباداتُ في غيرِ أماكنِها الَّتي
جاءت الشَّريعةُ بالإتيانِ بها فيها؟
9- أنَّ هذا ممَّا يجعلُ بعضَ
الجَهَلةِ يعملون مُقارَنةً بينَ هذه التَّنبيهاتِ والنَّغماتِ، والواقعُ أنَّه لا مُقارَنةَ،
ولا وجهَ شَبَهٍ بينَ كلامِ اللهِ وألفاظِ الأذانِ، وبينَ نغماتِ الموسيقى!
- مسألةٌ: حكمُ جعلِ الدُّعاءِ، والصَّلاةِ على النَّبيِّ -صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم- نغمةَ تنبيهٍ للهاتفِ.
الَّذي يظهرُ عدمُ الجوازِ؛ لأمورٍ، منها:
1- الدُّعاءُ عبادةٌ، فلا تُوضَعُ
العبادةُ إلَّا في موضِعها الَّتي شُرِعتْ من أجلِه؛ ووضعُها هنا في غيرِ
موضعِها، فيكونُ المنعُ أقربَ.
2- الدُّعاءُ من الألفاظِ الَّتي
اهتَمَّ الشَّرعُ الحنيفُ بها، فينبغي تعظيمُه، وألَّا يُجعَلَ للتَّنبيهِ.
3- في جعلِ الدُّعاءِ، والصَّلاةِ والسَّلامِ
على الرَّسولِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- نغمةَ تنبيهٍ؛ امتهانٌ لهما؛ لأنَّ صاحبَ
الهاتفِ النَّقَّالِ لا يَتحكَّمُ في زمنِ ومكانِ تلقِّي اتِّصالاتِه ورَنَّةِ
هاتفِه، فقد يَتلقَّى رنَّةَ هاتفِه وهو في المرحاضِ، وهذا كلامٌ فيه لفظُ (اللَّهُمَّ)؛
أي: يا اللهُ. والصَّلاةُ على النَّبيِّ المختارِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
4- لن يُصبِحَ للدُّعاءِ، والصَّلاةِ على النَّبيِّ
-صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- معنًى في نفسِ السَّامعِ؛ لأنَّ الدُّعاءَ له آدابٌ، ولا
آدابَ له هنا!
5- قطعُ الدُّعاءِ، والصَّلاةِ على النَّبيِّ
-صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- بالرَّدِّ، وغيرُ ذلك.
6- فيه مُحاكاةٌ لأهلِ البدعِ
من الصُّوفيَّةِ ومَن على شاكلتِهم حينَ يسمعونَ الصَّلاةَ على النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-،
فيلهجون بالذِّكرِ في وقتٍ واحدٍ، وبصوتٍ واحدٍ، وقد يَتكرَّرُ ذلك في المجلسِ
مرارًا.
- إشكالاتٌ، وجوابُها:
الإشكالُ الأوَّلُ:
يقولون: إنَّ أهلَ الباطلِ
جعلوا مِثلَ هذه النَّغماتِ، ونريدُ أن نُنافِسَهم.
والجوابُ من وجهينِ:
1- هل وُضِعتْ هذه النَّغماتُ
من أجلِ غَزْوِ المسلمينَ وإغاظتِهم، أم أنَّها شَرِكاتٌ لا تَدِينُ بالإسلامِ ولا تعرفُ تعاليمَه؟ فهي
تضعُ ما يروقُ لها ويحلو. وحتَّى لو كان من أجلِ غزوِ المسلمينَ؛ فهل هذا موطنُ
حربٍ وقتالٍ، أم رأسُ الموضوعِ وأساسُه نغمةُ تنبيهٍ، تُغيَّرُ وتُمحَى، وتُستبدَلُ
بغيرِها؟
2- هل هذا موضعُ مُنافَسةٍ،
وموضعُ ولاءٍ وبراءٍ، أم أنَّها لا تَعْدُو أن تكونَ نغمةَ تنبيهٍ لا أقلَّ ولا أكثرَ؟!
الإشكالُ الثَّاني:
وضعُ هذه النَّغماتِ
أفضلُ مِن جعلِ الموسيقى في الهاتفِ النَّقَّالِ.
والجوابُ من وجوهٍ:
1- هذه لا تُسمَّى نغماتٍ؛ فكيف تُطلِقُ على كلامِ
اللهِ، وألفاظِ الأذانِ، والدُّعاءِ، والصَّلاةِ والسَّلامِ على الرَّسولِ -صلَّى اللهُ
عليه وسلَّم- نغماتٍ؟ والنَّغَمُ معروفٌ لِمَن يكونُ.
2- أنَّنا لم نأتِ لقضيَّةِ
المفاضَلةِ، فهذا أمرٌ محسومٌ؛ إنَّما مسألتُنا عن تعظيمِ كلامِ اللهِ وألفاظِ الشَّريعةِ المعظَّمةِ،
واستعمالِها تنبيهًا لاتِّصالٍ أو تذكيرًا بموعدٍ.
3- مَن قال: إنَّه لا بدَّ أن
تجعلَ في جهازِكَ نغمةَ موسيقى؟ فهناك نغماتٌ لا تكونُ موسيقى ولا معازفَ، بل مُجرَّدَ تنبيهٍ،
وهذه الَّتي أرَدْناها.
- بعضُ الحلولِ:
1- اتِّخاذُ تنبيهٍ لا يكونُ من
القرآنِ الكريمِ، ولا من الأذانِ الشَّرعيِّ، ولا من الأدعيةِ؛ بل من الأصواتِ الطَّبيعيَّةِ،
والحيواناتِ المُحترَمةِ.
2- اتِّخاذُ تنبيهٍ من الشِّعرِ، أو كلامِ النَّاسِ
المحترَمِ.
3- استخدامُ ما يُسمَّى في الهاتفِ بـ(الهزَّاز)،
ونحوِه.
واللهُ
تعالى أعلمُ
روابط ذات صلة
المسألة السابق
| المسائل المتشابهة | المسألة التالي
|
جديد المسائل
تصميم وتطوير كنون